كثيراً ما نصاب بالضجر من الأحداث الهوليوودية المكررة، والأفكار التجارية البعيدة عن الإبداع، والتي تجعل غالباً المبالغ الخيالية التي تصرف عليها تذهب هباءً من الناحية الفنية و الجمالية، نشعر بالحاجة لمشاهدة أفلام تحوي إبداعاً بعيداً عن الأفكار المستهلكة المصنوعة خصيصاً لجذب الأرباح، ونشتاق لمشاهدة فنّ محضٍ يعبّر عن ذات كاتب العمل، وعن إبداع مخرجه. في مقالنا اليوم سنخرج من فلك هوليوود ونبحر في عالم غني بالأصالة و الفنّ؛ عالم السينما الأوروبية، فلننطلق!
400 Blows
يبحث الفيلم في رحلة طفل يعاني من الإهمال في جميع مناحي حياته، من أهل لا يكترثون به، ومدرسة يدأب على الكذب فيها بغية الهروب من المشاكل، حتى بات في حالة يرثى لها، لدرجة أن أهله وصلوا إلى مرحلة اليأس منه، فيجد نفسه محاصراً دون هدف يقصده. ناقشت العديد من الأفلام الأخرى مشكلة إهمال الأطفال بعد هذا الفيلم، كفيلم (كفرناحوم) و(Loveless)، و على الرغم من قوة الفيلمين السابقين، إلا أنهما لم يستطيعا إيصال حالة انعدام الأمل كما صورها هذا الفيلم. عمل فني من إخراج فرانسوا ترافو يستحق بكل تأكيد الإشادة بجودته.
Three Colours trilogy (1993-1994)
ثلاثية أفلام من إخراج كريستوف كيسلوفسكي، كل فيلم منها تحفة بحدّ ذاته، الأزرق يرمز للشاعرية والرومانسية، الأبيض يعرض كوميديا سوداء، بينما الأحمر يشكل الذروة المثالية لهذه الثلاثية المتميزة. 3 أفلام غنية تستحق المشاهدة والاستمتاع بتفاصيلها.
Stalker (1979)
يعد أحد أكثر أعمال الخيال العلمي عظمة من ضمن الأفلام الكلاسيكية، بالإضافة بالطبع إلى 2001 space odyssey، حيث خلق الفيلم نموذجاً للمتعقّب، وهو مرشد لك في منطقة معزولة كالصحراء تدعى “المنطقة” أو (the zone)، هذه المنطقة الخالية من الحياة والمليئة بذات الوقت بالأفخاخ والمخاطر في كل صوب، ضمن هذه “المنطقة” توجد “الغرفة”، وهي مكان أشبه بالجنة تقرأ ما في خاطر الإنسان وتحققه له بلمح البصر. الفيلم ملحمة روحانية من إخراج أندري تاركوفسكي ،مصبوغة بصبغة الخيال العلمي الفذّ، وهو تجربة غنيّة بالمعاني العميقة كالحرية والرغبة.
Breathless (1960)
غيّر مخرج الفيلم جان لوك غودارد قواعد اللعبة في عالم صناعة الأفلام، حيث خالف باقي مخرجي الأفلام في جيله، وركّز على النواحي الجمالية أكثر من تركيزه على القصة السينيمائية للفيلم. الانتقال بين المشاهد، وزوايا التصوير، الأنماط اللونية الجريئة في اللقطات السينيمائية. يحكي الفيلم قصة الانفصال اللطيف لشابّ وشابّة نرجسيين، حيث لم يكن على البطل والبطلة القيام بمهمة كبيرة، كل ما كان عليهم أن يظهروا بشكل طبيعيّ مرحلة رومانسية ينفصلون بعدها، ثم يمضون في حياتهم.
Scene from a Marriage (1974)
عند الحديث عن الدراما عالية الجودة، لا بد من ذكر اسم إينغمار بيرغمان في أعلى قائمة المبدعين، حيث استطاع بأفلامه ترك بصمة راسخة في تاريخ السينما الدرامية خصوصاً كفيلم the seventh seal، وفيلمنا اليوم. يعرض فيلمنا قصة رجل وامرأة يعانون في زواجهم المهزوز، دون أي حبكة كبيرة، استطاع بيرغمان نقل هذه المعاناة للمشاهدين، بقوة النص والإخراج، ودون أدنى شكّ، بقوة التمثيل المميز. حتى نعرف عظمة الفيلم وحجم تأثيره، ربما علينا النظرإلى الأفلام التي تبعته، وحاولت أن تسير مسيره في تصوير العلاقات الفاشلة التي كان أبطالها هم الخاسرين الأكبر فيها، على سبيل المثال لا الحصر the revolutionary road (2008)، و Marriage Story (2019).