بعيدا عن السينما، الغول “شريك” شخصية حقيقية وهذه قصته

من منا لا يعرف الغول “شريك”، ولم يشاهد الفيلم الفنتازي باستمتاع وبهجة، ومن منا لم يتعاطف مع الغول ذو القلب الطيب الذي أحب الأميرة فيونا بصدق، كيف لا والفيلم قد رافق طفولتنا بأجزائه الأربع، ونقش في ذاكرتنا دروسا وعبر، وعلمنا أن المظهر ما هو إلا جزء صغير منا وأن الجوهر هو معدن الإنسان. لكن هل سبق وأن تساءل أحد منا عن إمكانية وجود هذه الشخصية على أرض الواقع؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه المقالة.

“موريس تيليت” الرجل الذي استلهم منه “شريك”

“شريك” كما نعلم جميعا هو فيلم أنيميشن خيالي أمريكي تم إنتاجه سنة 2001، وشارك في التعليق الصوتي نخبة من الممثلين الكبار أمثال “إيدي مورفي” و”كاميرون دييز” وغيرهم من النجوم…ويحكي الفيلم عن غول أخضر مسالم يعيش حياته الهادئة وحيدا في مستنقعه، إلى أن يسحب منه هذا الأخير من طرف اللورد “فاركوارد” فيقبل شرطه الوحيد، ويقرر خوض مغامرة إنقاذ الأميرة من القلعة التي يحرسها التنين رفقة صديقه الحمار “دونكي”.

على الرغم من عدم تأكيد الشركة المنتجة للفيلم “دريم ووركس Dreamworks” مدى صحة هذه النظرية غير أن الكثير تداولوا على نطاق واسع كون شخصية “شريك” مستوحاة من مصارع فرنسي عاش بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، يدعى “موريس تيليت”.

الملاك الفرنسي:

ولد “موريس تيليت” سنة 1903 في روسيا لأبوين فرنسيين، اللذان سرعان ما عادا إلى فرنسا لتربية ابنهما، كان لدى “موريس تيليت” طفولة طبيعية نسبيًا دون مشاكل صحية، بل في الواقع كان “موريس” وسيما جدا في طفولته، بشعره الأشقر وعيناه الزرقاوتين، لدرجة أنه حصل على لقب “الملاك الفرنسي” كما طالما كان يأمل في أن يصبح محامياً. لكن كل هذا تغير بعد وقت قصير من عيد ميلاده العشرين.

من فتى شديد الوسامة إلى شبيه شريك:

عندما دخل العشرينات من عمره، بدأ “تيليت” يلاحظ تورمًا غير عادي في يديه وقدميه ورأسه، ولم تتوقف أطرافه عن النمو بشكل لا يصدق، وحينما أجرى له الطبيب الفحوصات اللازمة، تبين أنه يعاني من متلازمة “ضخامة الأطرافAcromegaly “

“ضخامة الأطراف” هي حالة هرمونية نادرة حيث تصبح الخلايا المنتجة لهرمون النمو في الغدة النخامية الأمامية نشطة بشكل مفرط. نتيجة لذلك، يتم إنتاج كميات كبيرة من هرمونات النمو فتنمو جميع أنسجة الجسم بسرعة، بما في ذلك العظام التي تصبح أكثر سمكًا.

مع تقدم ضخامة الأطراف، تغير وجه “موريس تيليت” الملائكي بشكل جذري، فأخذ فكه شكلًا مربعًا بارزا، واتسع وجهه بالكامل. استطالت جمجمته حتى ظهرت أذناه في غير مكانهما. كانت يداه وقدميه ضخمتين، وكان عليه أن يتعلم من جديد كيفية المشي والتنقل بهيئته الضخمة.

“موريس تيليت” المصارع

عندما أصيب “تيليت” بخيبة أمل بسبب مرضه، كانت مهنة المحاماة قد خرجت تمامًا من نطاق تفكيره، لكنه تعرف فيما بعد على مصارع محترف من ليتوانيا يُدعى “كارل بوجيلو”، وذلك في عام 1937، فأعجب “بوجيلو” ببنية “تيليت” القوية وأقنعه بأن يصبح مصارعًا، وقررا الانتقال إلى باريس لتدريبه. إبان مسيرته كمصارع حقق “تيليت” سلسلة من الانتصارات في فرنسا وإنجلترا، إلى غاية اندلاع الحرب العالمية الثانية، عندما هاجر إلى أمريكا.

“موريس تيليت” وشريك

من خلال هذه الصور التي التقطت “لتيليت” خلال حياته، يتضح أنه يحمل أكثر من تشابه عابر مع الغول المحبوب، من الفك البارز إلى الابتسامة غير المتوازنة إلى الأذنين الضئيلتين والضعيفتين، فضلا عن زواجه من شابة فائقة الجمال كما ورد في الفيلم تماما.

 ولكن على الرغم من كل أوجه التشابه الغريبة هذه، فإن “دريم ووركس Dreamworks” الأستوديو الذي أصدر الفيلم لم يتحدث رسميًا عن هذه النظرية التي تفيد بأن مظهر “تيليت” كان بمثابة أساس لشخصية “شريك” المتحركة، ولم يرد المتحدث باسم الشركة الرد على طلب للتعليق حول الموضوع من “هافينغتون بوست”.

وفي المقابل، يقول مدون مجهول يزعم أنه عمل في قسم الفنون بشركة “دريم ووركس Dreamworks” أنه خلال الوقت الذي كان يتم فيه تطوير شخصية “شريكShrek”، كان للمصمم والفنان صور لكرات ومجسمات، من بينها مجسم المصارع “موريس تيليت” غير أن هاذين الأخيرين ظلا صامتين بشأن الموضوع.

لسوء الحظ، كما هو الحال مع جميع مرضى ضخامة الأطراف تقريبًا ، وضع المرض حدا لحياة “تيليت” في سن 51، إذ لم يعد قلبه وجهازه الوعائي قادرين على مواكبة متطلبات هيكله الضخم ، وتوفي بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في 4 سبتمبر 1954 في شيكاغو. قبل سنوات قليلة من وفاته ، سمح تيليت لنحات من منطقة شيكاغو يدعى لويس لينك بصنع عدة تماثيل نصفية من الجبس لوجهه للاحتفال بمسيرته في المصارعة وتوثيق آثار “ضخامة النهايات”. يوجد حاليًا أحد تماثيل لينك التماثيل لـ” Tillet” في المتحف الدولي لعلوم الجراحة في شيكاغو.

Exit mobile version