وصل الجنود السوفييت بحلول عصر يوم الـ 30 من إبريل من عام 1945 إلى قبو الفوهرر، آخر الملاذات الحصينة في برلين، والمخبأ الأخير الذي عاش فيه هتلر وجنرالاته الشهور الستة الأخيرة من عمر الحرب العالمية الثانية، إلا إنهم لم يصلوا في الوقت المناسب للإمساك به على قيد الحياة، فقد كان مضى على انتحاره برفقة زوجته إيفا براون عدّة ساعات بوساطة سم السيانيد ورصاصة موجهة إلى الرأس، راسماً بذلك نهاية حقبة من الحرب المدمّرة كان قد أشعلها قبل ستّ سنوات بإعلانه الحرب على بولندا.
كلنا نعرف هذا الجانب من حياة هتلر –الجانب العسكري والسياسي-، لكن هل خطر ببالك أن تسأل يوماً: كم كانت ثروته عند وفاته؟ وما هي الوسائل التي استطاع من خلالها جمعها؟
في هذا المقال سنجيبك على هذه الأسئلة وأكثر، تابع معنا.
بداية “بوهيمية” لحياة الفوهرر:
بدأ هتلر حياته في فيينا عاصمة النمسا كشابّ يطمح لأن يدخل كلية الفنون، عاش بداية شبابه في شقة مستأجرة برفقة شريك سكن لأنه لم يكن قادراً على دفع إيجارها بنفسه، ينفق المال القليل الذي يجمعه من بيع لوحاته على سكنه وطعامه، إلا أنّ رفض طلبه للالتحاق بكلية الفنون الجميلة في فيينا مرتين، ثم مشاركته في الحرب العالمية الأولى غيّرا مسار رحلته إلى الأبد.
هتلر في السجن:
انضم هتلر إلى الحزب النازي بعد عودته من الحرب بعامين عام 1920، ثمّ ما لبث أن أصبح رئيساً للحزب بعدها بسنة عام 1921. في مطلع العام 1923 قام هتلر بمحاولة انقلاب في مقاطعة بافاريا للسيطرة عليها و على البلاد في عملية سميت بيرهول، إلا إن محاولته باءت بالفشل و ألقي القبض عليه وعلى رفاقه و حُكِم بالسجن لخمس سنوات، أثناء فترة سجنه تراكمت عليه التكاليف القانونية لمحاكمته، فراح يفكّر بوسيلة يستطيع بها قضاء ديونه فلم يجد سبيلاً لذلك أفضل من الكتابة، إذ شرع في تأليف كتابه الأشهر “كفاحي” أملاً في بيع عدة آلاف من النسخ ليحقق ما يكفيه لسداد الدين المترتب عليه.
مبيعات “كفاحي” صدمت الجميع بمن فيهم هتلر نفسه:
حقق كتاب هتلر في العام الأول من نشره رقما كبيراً يتجاوز 9000 نسخة، ثم بيعت منه بين العامين 1925 و1934 حوالي 240 ألف نسخة، ولم يتوقف انتشار الكتاب داخل حدود ألمانيا، بل تجاوزها إلى كل الدول الأوروبية المحيطة وقطع المحيط الأطلسي وصولاً إلى أمريكا، إذ بيع من الكتاب في العام 1939 -العام الذي اشتعلت الحرب العالمية الثانية- في المملكة المتحدة وحدها 50 ألف نسخة، و10 آلاف أخرى في أمريكا، كما أنه مع وصول هتلر لقيادة ألمانيا، قامت الحكومة النازية بشراء 9 مليون نسخة من الكتاب و توزيعها على المواطنين في محافل مختلفة –كهدية زواج مقدمة من الحكومة الألمانية للمتزوجين حديثاً مثلاً!-.
ماذا حلّ بأرباح الكتاب؟
وصلت ثروة هتلر من مبيعات كتاب كفاحي إلى نحو 170 مليون دولار إذا ما قيست بنقود عصرنا الحالي، قام بإنفاق معظمها على الحزب النازي، حتى أنّ القصور التي اشتراها بثروته قام بتحويلها إلى مقرات لحزبه، أما الأرباح التي كانت تأتيه من مبيعات الكتاب خارج ألمانيا فقد قطعها الحلفاء مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقاموا بتحويلها إلى جهود دعم وإغاثة الفارّين من الحرب، و المجموعات العرقية المضطهدة من قبل هتلر كاليهود.
ما يزال الكتاب يباع حتى اليوم بعد وفاة مؤلفه بـ 75 عاماً بأرباح ضخمة خصوصاً في دول شرق آسيا كتايلاند، يروح ريع معظم هذه المبيعات إلى المؤسسات و الجمعيات الخيرية بأشكالها المختلفة.