طالما انبهرنا بالعالم السينمائي الهوليودي، وطالما أحببنا وعشقنا أفلام المخرجين الأمريكيين وعبقريتهم في الصناعة السينمائية، غير أننا لا يجب أن نستحسن كل ما تجود به قريحة هؤلاء المخرجين والمنتجين، ستتساءل عن السبب، وسأجيبك في هذا المقال بمثال واحد من الأمثلة المتعددة التي تجسد الجانب المظلم لهوليود.
من هي “شيرلي تامبل” ؟
“شيرلي تامبل” (Shirley Temple) الطفلة الصغيرة وأيقونة التمثيل خلال ثلاثينيات القرن الماضي، ولدت “شيرلي تامبل بلاك” سنة 1928 بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، بعد ثلاث سنوات انضمت لمدرسة (Meglin’s) للرقص بلوس انجلوس، لتمثل بعد سنة في أول فيلم لها “Burlesks Baby” وهي ذات الأربع سنوات. مع مرور الوقت بدأت موهبة الطفلة شيرلي تنضج تدريجيا وتتطور، كما أن قدرتها على الغناء والرقص والتمثيل الجيد أسال لعاب عدد كبير من صانعي الأفلام وقتذاك، ما جعلها تشق طريقها شيئا فشيئا نحو النجومية لتغدو أول نجمة طفلة خطفت قلوب الملايين بصوتها الجميل وحركاتها الطفولية وتمثيلها العفوي ومظهرها اللطيف، بيد أن هذه الصفات دفعت هوليود لإماطة القناع والكشف عن وجهها البشع والانتهازي دون إرادتها.
ما قصتها؟
بعد أن اشتد عود الشابة كشفت عن عدد من المعاملات السيئة التي كانت تتعرض لها خلال التصوير، ففي فيلمها القصير “war babies” جاءت بدور فتاة صغيرة راقصة في حانة حيث يعزف عدد من الجنود على البيانو والذين كانوا بدورهم أطفالا صغارا، فيما كانت هي ترقص على ألحان الموسيقى، حتى أنها أجبرت على تقبيل أحد الأطفال وهي لم تتجاوز الخمس سنوات بعد.
يذكر أيضا أن مخرج فيلم Wee Willie Winkie تمت مقاضاته بسبب إجبار الطفلة على التمثيل بطريقة نوعا ما غزلية مع شبان كبار في السن. أكثر من ذلك، صرحت شيرلي أن ظروف التصوير كانت قاسية ومليئة بسوء المعاملة وعبارات التهديد، حيث كان يتم تخصيص غرفة مظلمة باردة وصغيرة الحجم لترسل إليها الطفلة في حالة تمردها أو عدم إتقانها للدور، إضافة إلى التحرش الجنسي والمعاملات البيدوفيلية التي كانت تتعرض لها من طرف الممثلين الكبار والمخرجين. كل هذا عبرت عليه شيرلي في سيرتها الذاتية المعنونة “بالطفلة النجمة Child Star” حيث وصفت الأطقم السينمائية والقائمين عليها “بالمستغلين للطفولة والعنصريين والمتحرشين…”
نجاحها الساحق
على الرغم من كل هذا فإن “شيرلي تامبل” حققت نجاحا ساحقا وهائلا خلال طفولتها، كما كان لها الفضل في إعالة اسرتها التي كانت ستعيش حياة صعبة لو لم تكن شيرلي موهوبة، فقد كتبت الصحيفة الأمريكية The New York Times أنها كانت أشهر نجمة سينمائية في أمريكا من سنة 1935 إلى 1939، كما أنها حظيت بصور أكثر من عدد الصور التي حصل عليها الرئيس الأمريكي “فرانكلين روزفلت”.
بين عامي 1935 و1938، شكلت شيرلي تامبل العامل الجاذب وسبب لرتفاع شباك التذاكر في هوليوود، حيث تفوقت على نجوم مثل “بنج كروسبي” و”كلارك جابل”. ووفقًا لمجلة Newsweek، فقد حقق فيلمها “Curly Top”، الذي صدر في يوليوز سنة 1935، 1.1 مليون دولار في شباك التذاكر، كما يرجع لها الفضل في إنقاذ شركة The 20 Century Fox من الوقوع في الإفلاس.
بعد كل ما تكبدته النجمة من معاناة وبعد كل ما حققته من إنجازات استثنائية بالنسبة لطفلة في عمرها، عاشت شيرلي بعدها حياة عادية وتزوجت مرتين كما انخرطت في العمل السياسي وعينت سفيرة الولايات المتحدة في كل من غانا وتشيكوسولفاكيا، لتنتهي مسيرتها الحافلة بوفاتها يوم 14 من فبراير سنة 2014.
وختاما فإن شيرلي ليست المثال أو الدليل الوحيد لوحشية هوليود الخفية، بل هناك الآلاف من القصص القابعة وراء الظلال والتي لم يكشف عنها بعد.