تردد إلى مسامعنا منذ عدة أيام خبر سيطرة شركة Xiaomi الصينية للهواتف على سوق مبيعات الأجهزة الذكية عالمياً، متجاوزةً بذلك شركات عريقة في هذا المجال، كشركة Samsung الكورية وشركة Apple الأمريكية ذات الهاتف الأشهر عالمياً Iphone.
إنجازٌ كانت قد اقتربت من تحقيقه شركة Huawei الصينية الأخرى بين عام 2019 ومطلع العام 2020 لولا أن حالت العقوبات الأمريكية الموجهة ضد الشركة دون ذلك.
تحتّم علينا هذه النتائج المبهرة طرح سؤال هامّ؛ كيف تمكنت الشركات الصينية من غزو سوق الهواتف الذكية والتفوق على شركات سيطرت على هذا المجال منذ بداياته؟ سنناقش في هذا المقال عدداً من أبرز العوامل التي جعلت هذا الواقع أمراً ممكناً، ونبحث في المستقبل المتوقع لنصيب شركات الصين التقنية في سوق الهواتف الذكية.
تكاليف إنتاجية منخفضة
تعتمد الشركات الصينية على عدد من الوسائل لتخفيض تكلفة منتجاتها؛ منها العمالة الرخيصة في الصين نسبة للعامل الأوروبي أو الأمريكي، بالإضافة إلى تقليل ملحقات الجهاز، كالسماعات وقاعدة الشحن وغيرها، و الميل إلى استخدام وسائل تغليف رخيصة بعيدة عن البذخ (سياسة الصندوق الورقي الوحيد لـXiaomi مثالاً).
سرقة براءات اختراع الشركات الأجنبية أيضا تساعد بشكل كبير في هذا المجال، حيث إنه من المعروف عن الشركات الصينية نسخ التقنيات الأمريكية والأوروبية دون شراء حقوقها الفكرية؛ إذ إن معظم القضايا المرفوعة ضد الشركات الصينية في الصين في ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية تنتهي بالحكم لصالح الشركات الصينية، وأقرب الأمثلة على ذلك نسخ Xiaomi لتصاميم الـ Iphone في العديد من أجهزتها، و سرقة شركة Huawei للكود المصدري لتطبيقات شركة سيسكو الأمريكية.
دعم الحكومة الصينية
سخّرت الحكومة الصينية الكثير من الموارد بغية تدعيم موقف الشركات الصينية محلياً وعالمياً، وبالتحديد الشركات التقنية منها، وذلك لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للصين في السنوات الأخيرة، حيث قدّمت لها صيغاً مختلفة من التحفيزات، كالتسهيلات المالية، والدعم في الإعلام المحلي، والأهم من ذلك كله؛ المساعدات المالية المباشرة، إذ منحت الحكومة الصينية -حسب التقارير- حوالي 222 مليون دولار لشركة Huawei في عام 2018 وحده.
لا يقتصر دعم الحكومة الصينية على الشركات الكبيرة، حيث أسست برنامجاً لتمويل الشركات الناشئة ساهم في عام 2014 بمبلغ يزيد على 1.5 مليار دولار مقدمة للشركات الفتية.
التوجه في البداية إلى الأسواق النامية
حرصت معظم الشركات الصينية في بداياتها على تكثيف جهودها لتوسيع انتشارها في السوق الصينية المحلية أولاً، ثم الانتقال إلى الأسواق النامية كدول شرق آسيا و الهند مثالاً، و انتهجت خلال ذلك التركيز على هواتف الفئة المنخفضة والمتوسطة والتنويع الكبير في أجهزة هذه الفئات، إذ قدمت أجهزة تملك مواصفات أفضل من أجهزة المنافس التقليدي في هذه الأسواق -Samsung- وبأسعار مخفضة، مما أضعف أداء الشركة الكورية الجنوبية كثيراً في هذه الأسواق وسرق منها الأضواء.
الزحف نحو الأسواق الأوروبية و الأمريكية
مع سيطرتها على المنافسة في شريحة الأجهزة المنخفضة، لم يغب عن الشركات الصينية إنتاج أجهزة رائدة تحمل مزايا عالية الجودة؛ من حيث المواصفات و خامات التصنيع والعتاد الذي يحويه الجهاز كالكاميرات وغيرها، كما كانت أجهزة الشريحة المتوسطة إغراءً كبيراً لسكان هذه البلدان؛ حيث قدمت مواصفات قريبة من مواصفات الأجهزة الرائدة بأسعار لا تتجاوز 300 دولار أمريكي.
بدت نتائج هذا الزحف جلياً قبل حوالي شهر حين أظهرت تقارير صحفية بسط شركة Xioami نفوذها على السوق الأوروبية مكتسحة بذلك كل من Samsung و Apple.
مستقبل شركات الهواتف الصينية
تشير جميع المؤشرات الحالية إلى أن الشركات الصينية تسير بخطى راسخة لتمكين هيمنتها على مبيعات الأسواق العالمية، ولعل أحد أهم هذه المؤشرات انتصار Xioami مؤخّراً في معركتها القضائية التي خاضتها في قاعات محاكم الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم رفع الحظر الحكومي الذي كان مفروضاً عليها، والتراجع عن اعتبارها كمؤسسة منخرطة في أبحاث الجيش الصيني، مما سيعني المزيد من الانتشار وحرية الحركة للشركة الصينية في السوق الأمريكية.