من وسط ظروف معيشية صعبة ظهر “مايكل جاكسون” كملك البوب المتوج

حين نتسائل عن أحد أعظم المغنيين على الإطلاق فلابد أن يأتي في ذهننا اسم ملك البوب كأحد أهم الاشخاص ليس فقط في البوب أو الرقص أو الغناء، بل في عالم الترفيه بأكمله و هو Michael Jackson.

بداية ظهور الفرقة

بدأ الامر حين ولد “مايكل” لأسرة كبيرة متواضعة الحال من سود أمريكا ،و كان من إخوته من أظهر ميولا موسيقيا فكونوا فرقة، و عندما بلغ “مايكل” عامه السادس فقط أظهر هو أيضا شغفا بالغناء و الرقص فانضم لهم لتتكون فرقة Jackson 5
كان “مايكل” ذا صوت طفولي جميل و محبا للعديد من المغنيين و الراقصين و قد برع في صغره في تقليدهم فبدأ اكتشاف موهبته الفطرية على الرقص منذ الصغر.

بدأت الفرقة الأداء في العديد من النوادي الليلية المحلية و المسارح الصغيرة لتزداد شهرتهم تدريجيا، و رغم كونه أصغر أعضاء الفرقة إلا أنه أصبح هو نجمها ووجهها و اكثرهم شعبية، فهو الافضل في الصوت و الرقص و الكاريزما و الإحساس.

Jackson 5

نجاح الفرقة وشعبيتها:

بدأت شهرة الفرقة حين اكتشفهم المغني “بوبي تايلور” و ساعدهم للتوقيع في ١٩٦٨ مع شركة تسجيلات “موتاون” التي ضمت بعض أهم مغني سود أمريكا و منهم الفنانة “ديانا روس” التي استضافتهم في بيتها لبعد الشركة عن بيتهم. في “موتاون” تعلمت الفرقة الكثير عن العزف والتلحين وكتابة الاغاني والاستعراض ليصدروا أول ألبوم لهم في ١٩٦٩ ليحقق نجاحا كبيرا، و أتبعوه بألبومات أخرى أكثر نجاحا، ليصبحوا أحد اشهر فرق البوب والسول والآر آند بي في العالم خصوصا مع شعبية أغانيهم وسط فئة الأطفال و والمراهقين والشباب.

بالنسبة ل”مايكل” فبدأ إصدار ألبوماته كمغني فردي بداية من ١٩٧٢ و قد حقق نجاحا رائعا ووصلت أغنية Ben له للمركز الاول في البيلبورد و هو في عمر ١٤ سنة فقط. لكن رغم نجاح الفرقة إلا أن في “موتاون” لم يكن لهم التدخل في تلحين وكتابة وإنتاج أغانيهم، فقرروا ترك “موتاون” في ١٩٧٦ و تعاقدوا مع شركة “سي بي إس” والتي تركت لهم المساحة للمشاركة في صناعة أغانيهم. وبالفعل بدأت الفرقة تشارك تدريجيا و مع ألبوماتهم التالية الناجحة وانفتاحهم على موسيقى الديسكو و الفانك اتضحت موهبتهم أكثر كموسيقيين و ليس فقط كمؤديين.

أغنية Ben أول أغنية ل”مايكل” تصل للمركز الأول في الBillboard

صعود “مايكل” للمجد كفنان منفرد:

لكن ذلك لم يكن كافيا ل”مايكل”، فهو لم يطمح لمجرد النجاح بل أراد الوصول للقمة و تخليد اسمه، و بشعوره أن إخوته يحدون من موهبته قرر أن يهتم بألبوماته الفردية و الخروج من سيطرة أبيه، و مع تعرفه على المنتج “كوينسي جونز” في ١٩٧٨ قررا التعاون في الألبوم القادم الذي تعلم فيه “مايكل” الكثير من “كوينسي” و قرر لأول مرة أن يعبر عن أفكاره الموسيقية الخاصة لينتقل لمستوى آخر، و مع تشجيع و مساندة “كوينسي” ل”مايكل” أصدر في ١٩٧٩ ألبوم Off the Wall و الذي كان نقلة مذهلة ل”مايكل” ونجاحا فائقا على الصعيد التجاري والنقدي لم يحققه من قبل و لم يتوقعه أحد.

و هنا كانت بداية “مايكل جاكسون” الحقيقية كأسطورة موسيقية قادمة بقوة. لم يترك “مايكل” فرقته بل أصدر معهم ألبومات ناجحة مثل Triumph و Victory حتى ١٩٨٤، لكنه ركز أكثر على ألبوماته الفردية ،فأصر على إصدار عملا أفضل من البومه السابق الرائع، و في ١٩٨٢ كتب “مايكل” اسمه بحروف من ذهب في التاريخ حين أصدر ألبوم Thriller

تربع مايكل على عرش موسيقى البوب في الثمانينات:

ألبوم Thriller كان ثورة في عالم الموسيقى حيث قلب الموازين تماما، فاهتم به المستمعون من كل الأجناس و الألوان و الأعراق و الجنسيات و على اختلاف أذواقهم، فكان ولا يزال أكثر الألبومات مبيعا على الإطلاق متفوقا على أي ألبوم لمن سبقه من أساطير و ليكون هو أنجح فنان في ذلك الوقت و هو ما كان مستحيلا على السود، و بذلك أطلق ثورة موسيقى البوب. و قد صاحب هذا الألبوم العديد من التطورات التي لازمت “مايكل” طيلة مسيرته، فحدث تطور موسيقي في البوب و الآر آند بي الذي رفعهم “مايكل” لأعلى مستوى و جعلهم أكثر جاذبية، بالإضافة للتنوع بحيث تضمن الألبوم أيضا موسيقى الروك و السول و الديسكو و الفانك.

و حدث تطور في الفيديوهات الموسيقية لتتحول لأفلام قصيرة ذات قصة ليصبح “مايكل” الأفضل في الفيديوهات. كما حدث تطور في الرقص ليصبح أفضل مغني راقص. ثم حدث تطور في الحفلات ليصبح أفضل من يقدمها. ولا يجب نسيان التطور في معاني أغانيه التي باتت أكثر قوة و ذات رسائل مجتمعية هامة. أخير التطور في الموضة لتقوم أجيال كاملة بتقليده في ملابسه و تصرفاته.

صعود “مايكل” على القمة عند إصدار Thriller

في ١٩٨٥ كعمل خيري كتب “مايكل” مع “ليونيل ريتشي” أغنية We Are the World و التي شارك فيها العديد من أهم فناني أمريكا، وتم التبرع بأرباح الأغنية لمساعدة ضحايا مجاعة أثيوبيا. و في نفس السنة قرر “مايكل” ترك فرقة إخوته نهائيا. ثم في ١٩٨٧ أكمل “مايكل” إنجازاته بألبوم Bad وهنا زادت ثقته في قدراته كملحن وكاتب و جرب أبعادا مختلفة لصوته وطريقة غنائه ورقصه، كما وصلت كاريزمته لأعلى مستوياتها، و قد صاحب ذلك النجاح المبهر جولة حفلات عالمية رائعة هي Bad World Tour، وهنا بدأ تلقيبه بملك البوب. قرر “مايكل” ترك “كوينسي جونز” اخيرا و الاستعانة بمنتجين آخري في إصدار ألبوم في ١٩٩١ هو Dangerous و هو ألبوم رائع تضمن موسيقى النيو جاك سوينج و أظهر تطورا كبيرا في قدرات “مايكل” الموسيقية و الراقصة. ثم عاد لإصدار ألبوم جديد في ١٩٩٥ باسم History، وبجانب روعة و نجاح هذا الالبوم إلا انه تميز بكونه ثوري المعاني، فاحتوى على أغاني كثيرة توضح غضب “مايكل” من الفساد والظلم والمؤامرات وقسوة الحكومات وتضليل الإعلام وتدمير الكوكب ليكون أصدق ألبوماته تعبيرا عن مشاعره.

“مايكل” أثناء إحدى حفلات جولة Bad World Tour

أعمال”مايكل جاكسون” في القرن الواحد و العشرين:

مع بداية الالفينات بدأت مواجهة قانونية شرسة بين “مايكل” و شركة “سوني” و هو ما نتج عنه أن ألبوم “مايكل” الأخير في ٢٠٠١ Invincible لم يحصل على ترويج كافي، فكان أقل ألبوماته مبيعا منذ ١٩٧٨، و قد اتسم هذا الالبوم بالتركيز أكثر على الرومانسية و المشاعر واستخدام موسيقى إلكترونية حديثة سابقة لعصرها. وفي ٢٠٠١ شارك “مايكل” في آخر حفلة طويلة له احتفالا بمرور ٣٠ سنة على بداية مسيرته المنفردة، وشاركه فيها إخوته وأصدقائه وفنانو الجيل الجديد الذي اتخذوه قدوة. وكذلك جمع العديد من الفنانين من الاجيال الجديدة لعمل أغنية جماعية خيرية لمساعدة ضحايا حادثة البرجين باسم What More Can I Give. وقد استمر في تسجيل أغاني كثيرة مع عدة فنانين إلا أنه ظل بعيدا عن الأضواء

وفاة “مايكل جاكسون” عند عزمه على كتابة سطور جديدة في تاريخ الفن:

حتى قرر أخيرا أن يعود بسلسلة حفلات جديدة في لندن في ٢٠٠٩ باسم This Is It، ولكن بعد التجهيز و قبل بدء الحفلات بأسابيع قليلة توفي “مايكل جاكسون” عن عمر ٥٠ سنة نتيجة جرعة زائدة من المسكنات التي أعطاها له طبيبه الخاص. وأقيم له جنازة و حفلة تخليد لذكراه شارك فيها العديد من الفنانين وحضرها و شهدها أعداد ضخمة من جماهيره ثم أصدرت مؤسسة مايكل بعد وفاته ألبومين من أغاني جديدة هما Michael و Xscape، و قالت أنها مازالت تملك الكثير من أغاني له لم تصدر من قبل، لذا تظهر ل”مايكل” أغنية جديدة كل فترة، آخرها أغنيته مع “دريك” Don’t Matter to Me

وقد  قرر مؤخرا مخرج فيلم السيرة الذاتية ل”فريدي ميركري” Bohemian Rhapsody أن يتولى القيام بفيلم مماثل عن حياة “مايكل” على أمل إحياء ذكرى أسطورته كما يجب. و رغم رحيل “مايكل” منذ فترة إلا أنه من المستحيل ان يتم نسيان اسمه او إنجازاته، خصوصا و أن آثاره بارزة في موسيقى اليوم و ستظل بارزة في المستقبل.

Exit mobile version