هل حقا للبشر آلات عبور الزمن داخل أدمغتهم؟

هل سبق لك أن وجدت نفسك في صباح يوم حافل تسابق الزمن وأنت تفكر في مناسبة مميزة – فلنقل مقابلة عمل أو عرض تقديمي أو محادثة صعبة مع أحد أفراد أسرتك – تتدرب على ما ستقوله، فيضع عقلك مسرحية، ويبدأ في تصوير المشهد بطرق لا تعد ولا تحصى وتتخيل ذلك مرات عديدة، وتتمرن على الموقف؟ في الواقع قد لا تدرك هذا، لكن ما تفعله هو سفر عقلي عبر الزمن : من خلال رسم ماضيك وتخيل مستقبل محتمل ستعيشه.

يقول توماس سودديندورف ، أستاذ علم النفس بجامعة كوينزلاند والمؤلف المشارك لكتاب “اختراع الغد” The Invention of Tomorrow ، وهو كتاب عن السفر الذهني نُشر في عام 2022: “لدينا شيء يشبه آلة زمن افتراضية في رؤوسنا. في أذهاننا ، يمكنها استرجاع الأحداث الماضية وتخيل المواقف المستقبلية المحتملة “

الدماغ والسفر عبر الزمن

تعتبر إمكانية السفر عبر الزمن الذهني شكلا من أشكال الذاكرة العرضية ، والتي اكتشفها عالم النفس إندل تولفينج لأول مرة في عام 1972. بحيث أن هذا النوع من الذاكرة لا يمكننا من تذكر المعلومات فحسب ، بل يتيح لنا إعادة إحياء تجارب معينة من ماضينا.

وفقًا لنظرية التطور ؛ فإن العقل البشري قد مر بمراحل متعددة ، وما يريد علماء الأعصاب شرحه حول أهمية قدرة العقل على السفر عبر الزمن عبر الخيال هو أنه يلعب دورًا مهمًا في نمو الدماغ البشري ، إذ تقول نظرية “السفر” بالزمن أن الوعي البشري موجود بهدف مهم وهو “مساعدتنا على تخيل السيناريوهات المستقبلية ومحاكاتها عقليًا”. وقد شرح الباحث بونامانو هذا النوع من السفر عبر الزمن في عرضه التقديمي ، مستشهداً بأمثلة بسيطة محتواها قدرة الدماغ على تكرار الأحداث الماضية واستشراف تلك القادمة.

السفر الذهني

كم من مرة سرحت في تفكيرك وأنت تتخيل نفسك ما تريد أن تصبح عليه؟ فتسري في جسمك قشعريرة ممزوجة بشعور لذيذ تبتسم له، وتتمنى ألا ينقطع حبل خيالاتك الوردية الذي سمح لك باستباق الزمن والسفر عبره. وعيش أسعد اللحظات. إن هذا بالضبط ما يعرف بـ “السفر الذهني” في علم الأعصاب وعلم النفس. يقول عالم الأعصاب دين بونامانو إن علم الأعصاب ، في رأيه ، هو أصعب علم من حيث الممارسة والتحليل لأنه علم يعتمد على قدرة الدماغ على فهم نفسه. ونظرًا لأن طريقة عمل هذا العضو المعقد في جسم الإنسان لا تزال غير مفهومة جيدًا ؛ لذا غالبًا ما يضع علماء النفس وعلماء الأعصاب نظريات مختلفة ومتضاربة أحيانا حول هذا الموضوع ، ويشير بونامانو وعلماء الأعصاب الآخرون إلى أن الدماغ البشري هو المفهوم الأكثر ثورية وغرابة عندما يتعلق الأمر ب” آلة عبور الزمن ” .

السفر الذهني وتحسين جودة حياتك

هل سبق وأن فكرت يوما كيف يمكن لك أن تستغل السفر الذهني عبر الزمن لصالحك؟ في الواقع يمكنك كذلك. في كتابه كيف يشفي عقلك جسمك؛ يوضح أستاذ الكيمياء العضوية الأمريكي ديفيد هاميلتون ، الحاصل على درجة الدكتوراه في نفس المجال ؛ إلى قدرتك على شفاء جسمك بدلاً من روحك ، على سبيل المثال ، إذا كنت تستخدم السفر الذهني عندما تكون مصابًا بمرض وتخيلت نفسك تتعافى ، وواصلت تخيل أن حالتك تتحسن كل يوم، سيستجيب جسمك لتلك التوكيدات وستبدأ في التعافي تدريجيا.

نفس الشيء ينطبق على الصدمات النفسية السابقة. أي موقف سلبي عندما تتذكره ، يمكن أن يسبب لك ألمًا نفسيًا. عندما تسافر روحياً مرة أخرى ، يمكنك أن تتخيل أنك تتصرف بطريقة تبعد عنك هذا الألم وتشعرك بسعادة عوض ذلك. عندما تكرر هذه الصور أكثر من مرة – وفقًا لعلم النفس – فسوف تساهم في شفاء الصدمة المخفية بداخلك.

وكذلك الشيء نفسه ينطبق على أي شيء تريده في المستقبل. إذا كنت تتخيل ما تريده في المستقبل كل يوم ، فأنت تسافر عقليًا عبر الزمان والمكان ، وهذا يحدث لنا جميعًا دون علم ، بوعيك تختار الإجراءات التي ستغيرها في الماضي ، والأشياء التي ستبدأ في بنائها في المستقبل.

تصفح أيضا:

Exit mobile version