بيتر كورتن؛ مصاص دمّاء دوسلدورف، والقاتل المتسلسل الذي أرعب ألمانيا بأكملها

تعود أصول قصة مصاص الدماء الشهير الكونت دراكولا إلى رومانيا، لكنّ ما تحمله قصّتنا اليوم من فظائع عن بيتر كورتن؛ القاتل المتسلسل الأشهر في التاريخ الألماني، ستجعلنا نتأكد أنّ خيال مؤلّف الرواية قد كان بالفعل أقرب إلى ما تحقق على يد هذا القاتل المتسلسل بعدها بسنوات، فمن هو بيتر كورتن، ولماذا أطلق عليه لقب مصاص دماء دوسلدورف، وكيف كانت نهايته؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا اليوم.

طفولة مشوّهة قاسية

حاله كحال معظم القتلة المتسلسلين، لم يكن بيتر كورتن المولود في كولونيا الألمانية عام 1883 يتمتع بطفولة طبيعية، فهو الثالث في الترتيب بين عشر أطفال لعائلة كان الوالد فيها لا يكفّ عن تعنيف زوجته وأبنائه جسدياً وجنسياً، الأمر الذي أضرّ بشكل كبير بنفسية بيتر -اعتبر كورتن نفسه لاحقاً “ضحيّة العنف الأسري والقانون الألماني المتعنّت”-. تعرّف بيتر في سنّ التاسعة على جار له في البناء كان يعمل كجامع للكلاب الشاردة، فتعلّم منه تعذيب الكلاب الضعيفة وقتلها، وهو أمر وجد فيه لذّة كبيرة، لتبدأ خلال تلك الفترة ملامح شخصية بيتر كورتن السادية الشاذة بالتشكّل شيئاً فشيئاً.

زعم بيتر كورتن لاحقاً أن أول جريمة قتل ارتكبها كانت في سنّ التاسعة حينما تسبب في غرق طفلين من عمره، حين دفع الأول في النهر، ثمّ أبقى رأس الثاني (الذي هرع لإنقاذه) تحت الماء حتى غرق ومات.

هرب بيتر كورتن من منزله في سنّ السادسة عشرة، بغية الخلاص من أذى والده المستمرّ، وارتكب عقب هروبه مجموعة من الجنح الصغيرة كالسرقات ليدخل السجن ويخرج منه مراراً على مدى السنوات القادمة، حيث كانت أطول فترة سجن قضاها حين هروبه من الحرب بعد تجنيده في الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى، حيث بقي فيه عدة سنوات حتى عام 1921، قضى جزءاً منها في السجن الانفرادي.

سلسلة جرائم مصاص دماء دوسلدورف

ارتكب بيتر كورتن جريمته الأولى عام 1913، حينما قام باغتصاب وقتل فتاة تدعى كريستين كلاين لم تكن تبلغ العاشرة من عمرها بعد، ليعود مرة أخرى إلى القتل بعد 16 عاماً، ويرعب مدينة دوسلدورف بأكملها بسلسلة من عمليات الاغتصاب والقتل الوحشي، والتي استهدفت بشكل أساسي الفتيات الصغيرات، حيث كان يقوم بشرب شيء من دماء ضحاياه بعد أن يقتلهنّ، وفق ما اعترف به لاحقاً في محاكمته.

استمرّت الجرائم على مدى عام 1929، وحتى بدايات عام 1930، حيث بلغ عدد الجرائم المثبتة بحقّه تسع جرائم، بالإضافة لاتّهامه بسبع جرائم أخرى. كان الكساد الاقتصادي الذي ضرب ألمانيا في ذلك الحين عاملاً مهمّاً زاد بشكل كبير من غضب كورتن على مجتمعه وحياته بشكل عام، ما أعطاه حافزاً للبدء بهذه السلسلة، بالإضافة إلى الإثارة التي كان يشعر بها من خلال تغطية الإعلام لجرائمه، حتى أنّه قام في إحدى الجرائم التي ارتكبها بالتواصل مع صحيفة محلية مخبراً إياها بموقع جثّة فتاة صغيرة كان قد تمّ الإعلان عن اختفائها قبل يومين، وذلك بعد أن قام بقتلها ورميها في موقع هدم في المدينة.

القبض على مصاص الدماء

كانت آخر جرائم بيتر كورتن هي الطريق المباشر للقبض عليه، وذلك حينما خدع فتاة تبحث عن منزل للسكن، ليختطفها ويغتصبها في الغابة دون أن يقتلها، فتتعرف الشرطة على أوصافه ويصبح مطلوباً لديها، مع مكافأة كبيرة لمن يقبض عليه.

حينما أدرك كورتن أن نهايته اقتربت، أقنع زوجته أن تقوم بالإبلاغ عنه بعد أن اعترف لها بكل ما ارتكبه من جرائم قتل واغتصاب (الغريب أن كورتن كان زوجاً لطيفاً ومحباً لزوجته، حيث كان قلقاً عليها مما سيؤول إليه حالها الاقتصادي بعد موته).

استجابت الشرطة لبلاغ الزوجة وتمّ القبض على كورتن، وبعد محاكمته تمّ إثبات 9 جرائم قتل واغتصاب عليه، ليتمّ الحكم عليه بالقتل 9 مرات، وينفذ الحكم بواسطة قطع رأسه بالمقصلة.

حياة غريبة، ووفاة أغرب

حين تنفيذ حكم الإعدام، كانت كلمات بيتر كورتن الأخيرة سؤالاً موجهاً للطبيب المشرف على إعدامه، حيث قال: “أخبرني، حينما يقطع رأسي هل سأبقى قادراً على السماع ولو للحظة واحدة؟ سيكون صوت الدم المتدفق من شرايين عنقي هو السعادة الأخيرة التي اختم بها كل السعادات التي حظيت بها في حياتي.”

بعد تنفيذ الحكم، نقل رأس كورتن إلى المخبر الجنائي، حيث تمّ فحص دماغه من قبل العلماء الذين كانوا يبحثون عن اختلاف في تشريحه يفسر الشذوذ الكبير في تصرفاته، ولكنّ دماغه كان دماغاً طبيعياً بالكامل وفق ما توصلوا له، واليوم يقبع رأسه في متحف في ولاية ويسكونسن الأمريكية، شاهداً على الجرائم المرعبة التي ارتكبها صاحبه.

Exit mobile version