في الخمسينيات من القرن الماضي، عاش كلّ من ويليام باترسون (52 عاماً) ومارغريت باترسون (42 عاماً) في مدينة إل باسو في ولاية تكساس الأمريكية حياة طبيعية، امتلكوا منزلاً يسكنونه في ضواحي المدينة، شركة لمعدات التصوير، سيارة كاديلاك، بالإضافة إلى قارب صغير ومنزل في المكسيك. كان كل شيء طبيعياً بالنسبة لعائلة باترسون قبل تاريخ الخامس من مارس من عام 1957، اليوم الذي اختفيا فيه بشكل غامض، وتركا أغراضهما الباهظة وقطهما الأليف في المنزل دون رعاية، ليكون هذا الاختفاء مثاراً لريبة سكان مدينة إل باسو وما حولها إلى يومنا هذا، خصوصاً مع إثارة نظريات مختلفة حول الزوجين المختفيين، تتدرّج من قتل أحد الزوجين للآخر، وصولاً لاتهامات الجاسوسية، وانتهاء باختطاف الفضائيين!
اختفاء دون سابق إنذار
أثار اختفاء كلّ من ويليام ومارغريت باترسون استغراب جيرانهم المحيطين بهم، والذين لطالما وصفوهم بالأناس الطيبين. بدأ التحقيق مع آخر من رأى الزوجين باترسون بشكل مؤكّد، وهما الزوجان واردز، واللذان كانا في ضيافتهما على العشاء في اليوم الذي سبق اختفاءهما بشكل مباشر، حيث أكّد سيسيل واردز أنّ ويليام باترسون كان قد اتّفق معه على خطط مسبقة بخصوص نهاية الأسبوع الذي اختفى فيه الزوجان.
في سياق التحقيق، استذكر سيسيل واردز قصّة شجار نجم بين ويليام ونادل في المكسيك قبل شهر، اتضح لاحقاً أنّ سببه كان مضايقة النادل لعشيقة باترسون السريّة؛ ستيفانا مورفين المكسيكية ذات الـ 20 عاماً.
لاحقاً بدأ جيران الزوجين باترسون بالتمحيص في ماضيهما المليء بالغموض والتفاصيل الناقصة، إذ لم يروِ أي من الزوجين شيئاً سابقاً عن طفولتهما باستثناء أنّها كانت طفولة صعبة، كان ويليام ينحدر من شيكاغو، أمّا زوجته فكانت قد أخفت على جميع صديقاتها وجيرانها تاريخ ومكان ولادتها الحقيقي، إذ اقتصرت قصتها التي روتها على كون أهلها معترضين على زواجها من ويليام بشكل مطلق، الأمر الذي تسبب في قطيعة العلاقة بينهم لاحقاً، يذكر أنّ زواجهما لم يكن أحد يعرف متى بدأ أو كيف التقيا بالتحديد.
التواصل الأخير مع آل باترسون
بعد حادثة اختفاء ويليام ومارغريت باترسون بعدة أشهر، وردت برقية منهما عبر ويسترن يونيون إلى محاسب شركتهما الخاصة بمعدات التصوير هيربرت روث، تمّ توكيله فيها بأموال العائلة بشكل كامل، حيث طلب منه ويليام فيها بيع منزل متنقل صغير كان يملكه وإضافة ثمنه لدعم الشركة، وتأجير منزلهما لفترة تسعة أشهر على الأقل، بالإضافة إلى تعيين صديق ويليام؛ دويل كيركلاند كمدير للشركة في غيابه. أثارت هذه البرقية الغموض بدل أن تزيله، حيث تم تسجيلها عبر مكالمة هاتفية إلى مركز البرقيات (شركة ويسترن يونيون)، الأمر الذي منع التحقق من خط المرسل، كما أنّ البرقية تمّ ختامها باسم المرسل “ويليام. H. باترسون” رغم أنّ اسم ويليام الأوسط هو في الواقع دريل.
بعد هذه الحادثة، أفاد شهود أنّهم رأوا كلّا من الزوجين في فندق مجاور لمدينة ميكسيو سيتي؛ العاصمة المكسيكية، كما أكّد العاملون في الفندق بأنّ الزوجين بالفعل قد أقاما بالفندق.
تمّ إعلان وفاة الزوجين باترسون رسمياً عام 1964، وذلك بعد فشل كامل محاولات التواصل معهما بكلّ الأشكال.
لغز آل باترسون يطفو على السطح مجدداً بعد 20 عاماً
بعد مرور 20 عاماً على حادثة الاختفاء، ظهر رجل يدعى رينالدو ناجاراي (وهو الرجل الذي تولى مهمة تنظيف المنزل بعد اختفاء عائلة باتيرسون) أكّد عثوره على آثار دماء في كراج المنزل، بالإضافة إلى جزء من فروة رأس بشرية عالقة بأحد الأجزاء المعدنية في الكراج حينها، إلا إنه قام بالتستر على ذلك وإخفاء تلك الآثار، وذلك لأنه كان مهاجراً غير شرعي في ذلك الوقت، وبالتالي فقد كان يعيش في رعب كبير من ترحيله في حال كشفه لتفاصيل جنائية من هذا النوع.
لم يتمكّن أحد من التوصل في النهاية إلى حلّ لغز آل باترسون، إذ تركّز النظريات الأكثر احتمالاً على قيام أحد الزوجين بقتل الآخر، وإخفائه لآثار الجريمة والهروب من بعدها، فيما يعتقد آخرون أنّ الزوجين كانا جاسوسين، مستندين في ذلك إلى العثور في معدات ويليام باترسون على صور لقواعد عسكرية مجاورة لمنطقة سكنه، بالإضافة إلى صور أخرى لشحنات عسكرية متنوعة.