إذا ما ذكرت الحروب في العصور الوسطى، فأول ما سيتبادر إلى أذهاننا السيوف والدروع، والتي كانت سلاح المعارك الأساسي في تلك الأيام، لكنّ السيوف لم تكن متساوية في جودتها وقيمتها، إذ كان السيف الجيد يتراوح ثمنه بين 1200 و20000 ألف دولار إذا ما تمّ قياس ثمنها في ذلك الوقت بأموال اليوم، لكنّنا اليوم سنتحدث عن مستوى آخر من السيوف، سيوف حملها كبار قادة الفايكينجز وأرهبوا بها جيوش أوروبا كلّها، إنّها سيوف أولفبيرت الأسطورية، فماذا نعرف عن هذه السيوف، وما السرّ خلف صناعتها، وما علاقتها بالسيوف الدمشقية الشهيرة؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم.
ما الذي ميّز سيوف أولفبرت عن غيرها؟
حملت سيوف أولفبرت عدداً من الميزات التي جعلتها الأكثر طلباً بين قادة جيوش الفايكينجز وكبار محاربيهم، أهمّ هذه الصفات بكل تأكيد المتانة والقوّة، حيث كانت هذه السيوف قادرة على تلقّي ضربات السيوف الأخرى بنصلها دون أدنى خوف من أن ينكسر النصل أو يفقد حدّته كما هو الحال في باقي السيوف في ذلك الزمان، كما تميّزت بنصل حادّ فاق نظرائه في السيوف الأخرى بدرجة كبيرة، حيث كان قادراً على إلحاق الأذى بأقوى البدلات المدرعة التي كانت تستخدم حينها، الأمر الذي جعل من يبارز حامل سيف أولفبرت مكشوفاً أمامه بالكامل. أمّا الصفة الأخيرة التي ميّزت السيف، فهي مرونته الكبيرة وخفّة وزنه نسبياً، حيث كان السيف قابلاً للانحناء بدرجة معينة تحميه من الانكسار في حال تعرّض لضغط كبير.
سرّ صناعة سيوف أولفبرت
في الواقع، لم يتمكن العلماء حتى اليوم من حسم اللغز الكامن خلف كيفية توصّل صنّاع سيوف أولفبرت إلى وصفتها المثالية، لكنّ المؤكّد أنّ الفولاذ الذي صنعت منه هذه السيوف كان مكوناً من الحديد مضافاً إليه كمّيات من الكربون بشكل مثالي، حيث أنّ إضافة كميات كبيرة من الكربون كانت ستتسبب في جعل السيف هشاً وقابلاً للتحطم من أقل ضربة يتعرض لها، بينما نقصان كمية الكربون كانت ستسبب ليونة زائدة في تركيب السيف وتضعف من قوته بشكل كبير.
في جميع الأحوال، يعتقد علماء التاريخ أنّ سيوف أولفبيرت سمّيت على اسم صانعها، وهو رجل عاش في المنطقة الواقعة بين ألمانيا وفرنسا اليوم، حيث نجح في إيجاد الخلطة المثالية ما بين الكربون والحديد، بالإضافة إلى كميات ضئيلة من المعادن الأخرى، ليتوصل في النهاية إلى الخلطة المثالية لسيوفه الشهيرة.
تمّت طباعة اسم أولفبرت على جميع السيوف التي أنتجها، في إحدى أبكر أشكال العلامات التجارية بمفهومها الحديث الذي نعرفه اليوم، ويعتقد أنّ صناعتها انتقلت من بعده لـ 200 عام قبل أن تندثر بشكل نهائي، لعوامل منها ضياع سرّ المهنة، وانتشار المقلّدين الذين أساؤوا بشكل كبير لاسم العلامة.
ما علاقة سيوف أولفبرت بالسيوف الدمشقية الشهيرة؟
يعتقد المؤرّخون أنّ سيوف أولفبرت تبدي تشابهاً كبيراً مع السيوف الدمشقية الشهيرة، ولذا فقد توقّعوا أن يكون سرّ السيوف الدمشقية قد انتقل بطريقة ما إلى أوروبا في تلك المرحلة، وهو ما ساهم بظهور سيوف أولفبرت، بينما يعتقد آخرون أن صنّاع سيوف أولفبرت في أوروبا قاموا باستيراد الخلطة المعدنية الجاهزة من بلاد الشام، وقاموا بتشكيلها في بلادهم تحت اسم جديد هو سيوف أولفبرت، كما يمكن أن يكون الأمر مجرّد مصادفة، فمن الوارد أنّ “أولفبرت” نفسه استطاع الوصول إلى نفس التركيبة التي توصّل لها صانعوا السيوف الدمشقية من قبله.