سرقة البنك الشمالي، أكبر لغز لم يتمّ حله في تاريخ المملكة المتحدة

عشيّة ليلة العشرين من ديسمبر من عام 2004، استفاقت المملكة المتحدة عموماً، وإيرلندا الشمالية خصوصاً على خبر مفجع مفاده سرقة البنك الشمالي في بلفاست؛ عاصمة إيرلندا الشمالية، وصلت قيمة المسروقات في هذه العملية إلى 26.5 مليون جنيه إسترليني، ما يجعلها إحدى أكبر السرقات في تاريخ المملكة المتحدة وأوروبا عموماً.

أثار التخطيط الدقيق في هذه السرقة، والذي تضمّن عمليات خطف وابتزاز تحت سطوة السلاح لإتمام المهمّة الكثير من علامات الاستفهام، وبقيت العملية لغزاً عالقاً لم يتمّ حلّه إلى اليوم، وصفعة في وجه سلطات المملكة المتحدة، فما هي تفاصيل سرقة البنك الشمالي، ومن هو العقل المدبّر لها؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم.

تفاصيل العملية

وفقاً للتفاصيل التي ظهرت عقب سرقة البنك الشمالي، فالعملية قد تمّت تنفيذاً لمخطط دقيق تمّ العمل عليه لأشهر، حيث بدأت القصة باختطاف عائلتي اثنين من الحراس العاملين بالبنك تحت تهديد السلاح، الأمر الذي جعل كلاً منهما ينصاعان لأوامر السارقين بشكل مطلق.

بدأت عملية الخطف قبل اقتحام البنك بـ 24 ساعة، حيث احتجز المنفذون الرهائن في منازلهم تحت تهديد السلاح، ليذهب الحراس في اليوم التالي إلى عملهم بشكل طبيعي، وبحلول نهاية الدوام في الساعة السادسة مساء، دخل أحد الحارسين إلى الخزنة المغلقة حاملاً معه حقيبة رياضية، ليخرج والحقيبة مليئة بنقود وصلت قيمتها إلى 1.2 مليون جنيه إسترليني، واستمرّت العملية على هذا المنوال مع حيازة السارقين على وصول كامل إلى خزنة البنك طول مساء ذلك اليوم، لتنتهي القصة باختفاء السارقين دون أدنى أثر، حاملين معهم ما قيمته 26.5 مليون جنيه إسترليني.

كان القسم الأكبر من الأموال المختفية في سرقة البنك الشمالي عبارة عن أموال لم يتمّ تداولها بعد في السوق (أي أنّها قابلة للتعقب، وبالتالي غير قابلة للاستخدام من قبل السارقين)، بينما القسم الآخر منها والبالغ 8.85 مليون جنيه إسترليني مستخدمة في الأسواق مسبقاً، وغير قابلة للتتبع، بالإضافة إلى مليون جنيه إسترليني من عملات أخرى كالدولار واليورو وغيرها.

أصابع الاتّهام تتّجه نحو الجيش الثوري الإيرلندي

بعد أيام التحقيق الأولى في سرقة البنك الشمالي، خرج قائد الشرطة في إيرلندا الشمالية هيو أوردي في تصريح مثير للجدل، أعلن فيه مسؤولية الجيش الثوري الإيرلندي عن العملية، وهو منظمة متمرّدة تسعى لتحقيق انفصال إيرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة لتضمّها إلى إيرلندا.

رغم هذه الاتهامات، إلّا أنّ الشخص الوحيد الذي تمّ اعتقاله في عمليات التحقيق المتعلقة بـ سرقة البنك الشمالي كان تيد كونينغهام، والذي عثرت الشرطة الإيرلندية الشمالية في منزله على 3 مليون جنيه و200 ألف جنيه إسترليني، ولكنّه استمرّ في إنكار ارتباطه بالقضية، ليحكم عليه لاحقاً بالسجن 10 أعوام بتهم تتعلق بغسيل الأموال.

كان المدعوّ بوبي ستوري محطّ الاتهام الأساسي في قضية سرقة البنك الشمالي، وهو أحد القيادات السابقة في الجيش الثوري الإيرلندي، ولكنّ الشرطة وقفت عاجزة عن إثبات أية إدعاءات تتعلق باتّهامها هذا، ليموت الرجل ميتة طبيعية عام 2020، بعد عملية زرع رئة انتهت بالفشل.

شكّت الشرطة الإيرلندية الشمالية (بالإضافة إلى خبراء خارجيين من ضمنهم الـ FBI) بكون السرقة عملاً داخلياً نظّمه الحارسان نفسهما بالتواطئ مع عائلتيهما، إذ تمّ اعتقال أحد الحارسين المدعوّ كريس وارد في شهر نوفمبر من عام 2005 على ذمّة التحقيق، ليتمّ الإفراج عنه لاحقاً بعد تبرئته من جميع التهم التي أحاطت به.

Exit mobile version