في سبتمبر 1957، لاحظ السكان شيئا غريبًا وملونًا في السماء، فبدا للسكان وكأنه مجرد انبعاث للضوء في الشمال وأنه شيء غير ضار، لكن ذلك كان هو ما سيجلب لهم الموت لاحقا بعد وقوع كارثة نووية في جنوب غرب الاتحاد السوفيتي. فبعد كارثة تشيرنوبيل، يأتي هذا الانفجار كثاني حدث نووي كارثي في التاريخ، وقد تم تصنيفها على أنها كارثة من المستوى 6 على مقياس الأحداث النووية الدولية، مما يجعلها ثالث أخطر كارثة نووية بعد حادث تشيرنوبيل النووي وكارثة فوكوشيما دايتشي النووية، حيث تسبب الانفجار في انتشار الجسيمات الساخنة عبر أكثر من 52000 كيلومتر مربع، واستنشقها من كرف ما لا يقل عن 270 ألف شخص. فما سبب هذه الكارثة النووية المسماة بكشتيم؟ وما ملابسات الحادثة المؤلمة؟ ولماذا هي مخفية في التاريخ السوفياتي؟ كل هذه الأسئلة وأخرى سنجيب عليها في هذا المقال، تابع معنا القراءة لتتعرف على الأجوبة.
قبل الحرب العالمية الثانية
قبل الحرب العالمية الثانية وبسبب العجز التكنولوجي والعلمي للاتحاد السوفياتي مقارنة بالولايات المتحدة في صنع أسلحة نووية، كثفت الحكومة السوفياتية الجهود للبحث ولإنتاج كمية مناسبة من اليورانيوم والبلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية، فتم تشييد منشأة Mayak على عجل بين عامي 1945 و1948، وبسبب الثغرات في فهم العلماء للفيزياء النووية في ذلك الوقت، كان من المستحيل تقييم سلامة مجموعة واسعة من الخيارات.
الانفجار الكبير
تعطل نظام التبريد في أحد الخزانات في ماياك، والذي كان يحتوي على حوالي 70-80 طنًا من النفايات المشعة السائلة في ذلك الوقت في عام 1957، ولم يتم إصلاحه، ومع مرور الوقت وبسبب ارتفاع درجة الحرارة، بدأت النفايات المجففة في التبخر والاحتراق، مما أدى إلى انفجار كيميائي لنترات الأمونيوم، فتم إطلاق غطاء خرساني يزن 160 طنًا في الهواء بسبب الانفجار الذي وقع في 29 سبتمبر 1957، ويعتقد أنه أنتج قوة تزن حوالي 70-100 طن من مادة تي إن تي.
بعد فترة من الزمن تراكمت غالبية هذه الملوثات حول موقع الحادث وساهمت في تسمم نهر تيتشا، في نفس الوقت تقدمت السحابة المشعة باتجاه الشمال الشرقي خلال الحادية عشرة ساعة التالية، ووصلت في النهاية إلى مسافة 300-350 كيلومترًا من موقع الحادث. وقد نتج عن تداعيات السحابة تلوث طويل المدى لمنطقة جغرافية تمتد من 800 كيلومتر مربع إلى أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع.
سرية تامة
في البداية لم يتم الإعلان عن الكارثة لسكان المناطق المتضررة بسبب السرية التي أحاطت بماياك، وبعد أسبوع أي في السادس من أكتوبر 1957، بدأت محاولة لإجلاء 10000 شخص من المنطقة المتضررة دون تقديم أي تفسير لسبب إجبارهم على الإخلاء. وعلى الرغم من أن الكارثة وقعت منذ أكثر من قرن مضى، إلا أنه لم يكشف عنها حتى عام 1976، حيث كشف المنشق السوفيتي زورس ميدفيديف عن أحداثها الكاملة ونطاقها وشدتها أمام الجمهور العالمي. وخلال الفترة الزمنية التي لم تكن فيها معلومات أو تفسيرات، تم نسج حكايات وروايات مبالغ فيها لتفسير المأساة.
بعد وقوع الفاجعة، كان الناس مذعورين نتيجة تفشي أمراض مجهولة وغريبة، حيث لوحظت الوجوه واليدين والأجزاء المكشوفة الأخرى من أجساد الضحايا في شكل غريب مع تقشر جلودهم، كما لم يكن هناك يقين بشأن العدد الفعلي للوفيات لأن السرطان الناجم عن الإشعاع غالبًا ما يتعذر تمييزه سريريًا عن أي سرطان آخر.
تأثير مستمر المفعول
على الرغم من أن كمية النشاط الإشعاعي في المنطقة كانت هزيلة، إلا أن بحث عام 2002 وجد أن موظفي ماياك النوويين وسكان ضفة نهر تيتشا كانوا يتعرضون لمستويات إشعاع ضارة، تسببت في أمراض خطيرة لا تزال تأثيراتها قائمة إلى يومنا هذا.