يمكننا أن نتفق جميعًا على أن عام 2020 كان عامًا سيئًا للغاية بالنسبة للكثير من الأشخاص حول العالم، وأن عام 2021 لم يكن أفضل بكثير. ومع ذلك، فهي تظل أحسن نسبيا من بعض السنوات القاسية والمروعة التي عاشها الكائن البشري، والتي شهدت كوارث طبيعية وحروبًا وأحداث مؤلمة من الصعب أن نتخيل كيف نجت البشرية منها. لا يمكن أن ننكر بكل تأكيد أن كوفيد 19 وباء مروع، لكننا على الأقل لم نكن مضطرين لتحمل صراع عالمي، أو مرض أكثر فتكًا بدون دواء لعلاج، أو انخفاض عالمي في درجة الحرارة دمرت المحاصيل السنوية. وهو ما سنتحدث عنه في هذه القائمة التي تتضمن السنوات الأسوأ على مر التاريخ. تابع القراءة لتتعرف عليها.
541: طاعون جستنيان
يعرف كذلك بالموت الأسود أو الطاعون الدبلي، وسجلت أول حالة بهذا الطاعون في 541 في عهد الإمبراطور جستنيان، وتأثرت به الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية. وقد أصيب الإمبراطور بالعدوى ونجا، وهو أحد الأسباب التي جعلت الطاعون يحمل اسمه. ضرب الطاعون القسطنطينية لأول مرة عام 541، ومن هناك انتشر في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط ، وأثر على العديد من المدن الساحلية، ثم شق طريقه عبر أوروبا وصولاً إلى آسيا. استمرت الموجة الأولى من طاعون جستنيان من 541 حتى 549، لكنها لم تكن النهاية. استمرت العدوى في الواقع لمئات السنين، وكان لزاما على الناس أن يتعايشوا معه بشكل متقطع من موجة إلى أخرى طوال حياتهم، ولم ينته الأمر حتى منتصف القرن الثامن. من الصعب تقدير عدد الأشخاص الذين ماتوا خلال طاعون جستنيان، على الرغم من تسجيل بعض الأرقام، لكن عموما تعتبر القسطنطينية أكثر المناطق التي تضررت من الوباء، حيث فقدت 55-60 ٪ من السكان، حيث كان يموت ما بين خمسة إلى عشرة آلاف شخص كل يوم.
1783: ثورة بركان لاكي
تتسبب الانفجارات البركانية دائمًا في قدر كبير من الاضطراب في المنطقة الناشطة بها، لكن بعضها يؤثر على مساحة أكبر بكثير من غيرها. لاكي هو شق بركاني في آيسلندا، وبينما هو آمن اليوم، فقد سبق وأن ثار بشكل عنيف عام 1783، حيث ظل نشيطا لمدة ثمانية أشهر، وانتهى في فبراير 1784 بعد انسكاب ما يقدر ب 42 مليار طن من حمض الهيدروفلوريك وثاني أكسيد الكبريت وحمم البازلت، لكن الحمم البركانية لم تكن هي المشكلة حقًا، وإنما المشكلة الكبرى كانت هي اندلاع الغاز الكبريتي في الغلاف الجوي مما أدى إلى تغير مناخي مدمر أثر على بقية العالم. وبسبب الكارثة الطبيعية عانت آيسلندا من المجاعة، ومات ما يقرب من ربع السكان، كما مات أكثر من نصف أعداد الأبقار والخيول والأغنام، وأدى الانفجار إلى إضعاف مواسم الرياح الموسمية الأفريقية والهندية، مما أدى إلى مجاعة في مصر وأماكن أخرى. إلى جانب ذلك تضررت أوروبا من ضباب قاتل استمر خلال شتاء عام 1784.
1520: الأوروبيون وجلبهم للأمراض
عندما شق الأوروبيون طريقهم إلى الأميركتين بشكل جماعي، قاموا بفتح مناطق جديدة وساهموا في انتعاش التجارة، لكن قدومهم لم يكن مثمرا كما تعتقد، حيث جلبوا معهم مسببات الأمراض الفتاكة إلى السكان الأصليين بعد ما كان سكان الأميركتين معزولين بشكل عام عن الأمراض التي كانت تقتل الناس في أوروبا وآسيا وأفريقيا لآلاف السنين، ففي سنة 1520 تسبب الأوروبيون المصابون بالجدري في نقله إلى السكان الأصليين في الأميركتين، الشيء الذي تسبب في كارثة وبائية مفجعة لقي فيها حوالي 95٪ من السكان الأصليين حتفهم، أي ما يعادل 20 مليون شخص.
جدير بالذكر أنه قبل “اكتشاف” كولومبوس للأمريكتين في عام 1492، كان عدد سكان الدول يقدر بنحو 60 مليون شخص، فانخفض هذا الرقم بشكل كبير بسبب وباء الجدري عام 1520، كما استمر في الانخفاض بسبب الحصبة والإنفلونزا والدفتيريا والطاعون الدبلي ليصل عدد السكان إلى حوالي ستة ملايين فقط، مما انعكس سلبا على النمو الديموغرافي بالأمريكيتين.
1816: عام بلا صيف
يشير العديد من المؤرخين إلى عام 1816 باسم “عام بلا صيف” نظرًا لانخفاض متوسط درجات الحرارة العالمية، قد لا يبدو انخفاض درجة الحرارة بمقدار 0.4-0.7 درجة مئوية (0.7-1.2 درجة فهرنهايت) فرقًا كبيرًا، ولكن التقلبات في درجة الحرارة العالمية لا تحتاج إلى أن تكون هائلة لتسبب مشاكل خطيرة. حيث نتج انخفاض درجة الحرارة عن ثوران بركان جبل تامبورا بإندونيسيا، وكان أكبر ثوران بركاني عرفه العالم منذ حوالي 1300 عام، حيث غطى الكوكب بالرماد. بالإضافة إلى ذلك فقد عانى الناس من الصقيع الشديد وتساقط الثلوج الكثيفة في يونيو، وظلت الأنهار مجمدة حتى أغسطس. ولم يأتي فصل الصيف أثناء تلك السنة، مما نتج عنه فشل المحاصيل وبالتالي انتشار المجاعة والوفيات في جميع أنحاء العالم.
73000 قبل الميلاد: كارثة توبا
كارثة توبا هي انفجار بركاني خارق حدث منذ حوالي 75000 سنة (+/- 900 سنة) فيما يعرف الآن بإندونيسيا، على الرغم من كون التاريخ الدقيق لحدوث هذه الكارثة غير معروف، لكن الأبحاث التي أجريت على الحمض النووي البشري والأدلة الجيولوجية في ذلك الوقت تشير إلى أن ثورانًا هائلاً تسبب في وفاة معظم البشر في ذلك الوقت، كما استمر حوالي عقد من الزمان متسببا في انخفاض ما لا يقل عن 3000-10000 شخص، مما يشير إلى أن البشرية قد انقرضت تقريبًا منذ فترة طويلة. من الناحية الفنية، لم تحدث كارثة توبا في التاريخ المسجل. ومع ذلك، فإن أهميتها تضعها على رأس هذه القائمة بسبب الدمار الذي تسببت فيه. فقد كان الثوران هائلاً للغاية، مما أدى إلى تبريد الكوكب بما يقدر 3-5 درجات مئوية (5.4-9 درجة فهرنهايت)، وقد نجا البشر الذين يعيشون في إفريقيا إلى حد كبير. في الوقت نفسه، تحمل أولئك الموجودون في أوروبا وآسيا العبء الأكبر من آثار ثوران بركان توبا، شكلت هذه الحادثة نقطة جدل بين علماء المناخ وعلماء الوراثة وعلماء الآثار، حيث توصلوا إلى استنتاجات مختلفة. لكن كل هذه الاسباب تجعل سنة 73000 قبل الميلاد أسوء سنة عاشتها البشرية دون منازع.