في 2 مايو 1946، قام العديد من السجناء المحتجزين في سجن الكاتراز الفيدرالي بوضع خطة للهروب من سجن الجزيرة، لكن الحصار الذي أعقب ذلك والذي استمر 48 ساعة اعتبر الأعنف في تاريخ السجون، حيث أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من عشرة. وفي هذا المقال سنتناول قصة الحادثة التي أطلق عليها لاحقًا اسم “معركة الكاتراز” … فما الحكاية؟
ما هو الكاتراز؟
يقع سجن الكاتراز الفيدرالي بجزيرة معزولة في خليج سان فرانسيسكو، قبالة ساحل كاليفورنيا، وهو سجن مدني مشدد الحراسة، حيث اشتهر بإيوائه لسجناء بارزين وخطر مثل رجل العصابات الأمريكي آل كابوني والقاتل المدان روبرت ستراود.كما كان موقع الجزيرة مجاورا للمياه الباردة والتيارات القوية لخليج سان فرانسيسكو، ما يعني استحالة الهروب من السجن، فالسباحة لأكثر من ميل ليست بالمهمة السهلة طبعا.
من خطط للهروب من الكاتراز عام 1946؟
خطط السجين برنارد كوي لعملية الهروب عام 1946، كان قد وصل إلى الكاتراز في عام 1938 بعد أن حكم عليه بالسجن لمدة 25 عامًا بتهمة السطو على بنك. بعدها انضم إليه زملائه السجناء مارفن هوبارد، وجوزيف كريتسر، وسام شوكلي، وميران طومسون، وكلارنس كارنس، ويشتبه في هذا الأخير كونه أصغر سجين، حيث أدين في سن 18 وحكم عليه ب99 عامًا، بتهمة الاختطاف وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة القتل. أما جوزيف كريتسر فقد كان عضوًا في عصابة كريتسر-كايل، وهي جماعة إجرامية نفذت عمليات سطو على البنوك على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة. حكم عليه بتهمة القتل العمد، وكان كريتسر قد هرب من سجنه الأول قبل أن يتم القبض عليه مرة أخرى وإرساله إلى الكاتراز. كان هو وثلاثة آخرون قد حاولوا بالفعل الهروب من Alcatraz في عام 1941، الشيء الذي أوقعه في وحدة الحراسة المشددة لمدة خمس سنوات.
من أجل تنفيذ الخطة، بدأ كوي صاحب فكرة الهروب في فقدان الوزن عن عمد حتى يتمكن من المرور ما بين القضبان، كما أمضى بعض الوقت في مراقبة الحراس، مركزا على نقاط الضعف في روتينهم وفي أمن السجن، حيث كان لديهم روتين منتظم وسهل من حيث الملاحظة والتنبؤ.
ماذا حدث خلال محاولة الهروب من “معركة الكاتراز”؟
مع حوالي الساعة 1.30 مساءً في 2 مايو، شرع هوبارد في تشتيت انتباه حارس السجن، مما سمح لـ كوي بمهاجمته من الخلف، فضرب كوي وهابارد الحارس إلى أن فقد الوعي فسرقوا مفاتيحه، بعد خروج كارنز وتومسون وكريتزر من زنازينهم، قدم حارس آخر مسلح، وقام السجينان بخنقه بربطة العنق الخاصة به حتى فقد وعيه. ثم داهم السجناء رواق الأسلحة والذخيرة قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطتهم، وهي استخدام الرهائن للسيطرة على زورق السجن للنزول من الجزيرة.
شق كوي طريقه إلى الرواق، وباستخدام مسدس، أجبر حارسًا آخر على إطلاق سراح المزيد من السجناء لكن الكثير منهم فزعوا وعادوا بسرعة إلى زنازينهم، فيما انضم البعض الآخر للفارين. وسرعان ما احتجزت المجموعة تسعة حراس كرهائن وحبستهم في الزنازين، لكن المشكلة الوحيدة والعويصة هي أن حارس السجن الأول أخفى مفتاح الباب الذي يؤدي لخارج الردهة، أثناء ذلك..كان المكان يصدح بصفارات الإنذار التي وصل صداها لسكان سان فرانسيسكو في الضفة الاخرى، فتم حشد أفراد من خفر السواحل ومشاة البحرية لمساعدة ضباط السجن في الإمساك بالفارين.
بعد أن أدرك السجناء أن خطتهم الأولية لن تنجح، بدأوا في إطلاق النار لشق طريقهم للخروج، وبدأ كوي بإصابة الحراس في أبراج المراقبة القريبة، كما أطلق كريتزر النار على بعض الحراس المحتجزين في الزنزانة.
كم من الوقت استمرت معركة الكاتراز؟
للسيطرة على الوضع الفوضوي بدأ الجيش والشرطة وحراس السجن بمهاجمة الزنزانة بالقنابل اليدوية، مما أدى إلى إضاءة الجزيرة من بعيد، فبدأ إطلاق النار كرد فعل من السجناء الفارين فأصيب 14 حارسًا بجروح خطيرة، وقتل الضابط هارولد ستيتس الذي أوقف سابقًا محاولة هروب الكاتراز في عام 1938. بحلول صباح يوم 4 ماي، وبعد حصار استمر قرابة 48 ساعة، تم اقتحام مبنى الزنزانة ليتم العثور على جثث كوي وكريتزر وهبارد مليئة بالرصاص والشظايا، في حين عاد الناجون الثلاثة إلى زنازينهم، بعد أن أدركوا أنه ليس لديهم خيار سوى الاستسلام. لاحقا تم إعدام طومسون وشوكلي في غرفة الغاز في سجن سان كوينتين بتهمة قتل حارس الزنزانة، في حين نجا كارنز من عقوبة الإعدام، لكن تمت إضافة 99 عامًا أخرى إلى عقوبته.
على الرغم من أن معركة الكاتراز كانت الأكثر عنفًا في تاريخ السجن، إلا أنها كانت مجرد واحدة من 14 محاولة هروب خلال 29 عامًا من اشتغال السجن. ففي يونيو 1962، تمكن ثلاثة رجال من الفرار من الجزيرة، حيث أبحروا على متن قارب ولا يزال مصيرهم مجهولا. ومن بين 36 سجينًا آخر، تم القبض على 23 نزيلًا، وقتل ستة، وغرق اثنان، وتم إدراج خمسة على أنهم “مفقودون، ويفترض أنهم غرقوا”.