تايوان، أو تابييه الصينية، أو جمهورية الصين كما تفضل السلطات الرسمية فيها تسميتها، هي جزيرة تقع في المحيط الهادي شرقي الصين، حيث تبعد عنها ما لا يزيد عن 140 كيلومتراُ. ظهرت بعض الأخبار في الآونة الأخيرة تفيد بتحليق أسراب من طائرات الجيش الصيني فوق الجزيرة، كما أفادت الكثير من التحليلات بنيّة العملاق الصيني بسط سيطرته على الجزيرة بالغة الأهمية خلال السنوات القليلة القادمة، فما هي أسباب هذه التحركات، وهل تستطيع الصين احتلال الجزيرة في حال رغبتها في ذلك؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا لليوم، فلنباشر:
لمحة تاريخية:
عقب انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949، وانتصار الحزب الشيوعي فيها على حساب الحزب الوطني، فرّ قادات الحزب الوطني من البر الأساسي للصين إلى جزيرة تايوان وأعلنوا تابييه عاصمة مؤقتة للصين، بحلول عام 1971 تم إلغاء الاعتراف بتايوان (جمهورية الصين) كممثل رسمي عن الصين في مجلس الأمن، وتمّ نقل الاعتراف إلى جمهورية الصين الشعبية التي تحكم البر الأساسي للصين. شهدت تايوان خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي نهضة اقتصادية كبيرة جعلتها أحد أهم اقتصاديات شرق آسيا، كما تصنف من النمور الآسيوية الأربعة.
الأسباب التي تدفع الصين إلى السيطرة على تايوان:
تتعدد الأسباب التي تدفع الصين إلى السعي لبسط سيطرتها على تايوان، ولكنّ العوامل الأهمّ تتركّز في ثلاثة بنود:
أهمية تايوان الاقتصادية:
كما ذكرنا، تملك تايوان اقتصاداً قوياً متماسكا يعد من الأهم في المنطقة الآسيوية، كما تحوي أهم شركات إنتاج الرقائق الإلكترونية عالمياً (والتي يعاني العالم في الوقت الحالي أزمة كبيرة في تأمينها، الأمر الذي أثّر سلبياً بشكل كبير على كل الصناعات الإلكترونية في العالم بداية بالهواتف وليس انتهاءاً بالسيارات)، كما تحوي صناعات تقنية كبيرة متعددة كشركة Asus الشهيرة وغيرها.
أهمية تايوان الاستراتيجية:
بحكم موقعها القريب جداً من الصين، ووقوعها في نقطة حساسة على طرق التجارة الآسيوية، تتمتع تايوان بأهمية استراتيجية كبيرة، كما أنّها في وضعها الحالي تشكل خطراً على الأمن القومي للصين، فتايوان حليفة قوية للولايات المتحدة الأمريكية، ما يجعلها مكاناً مثالياً لإزعاج الصين منه.
أهمية تايوان المعنوية:
تؤكّد الصين منذ انتهاء الحرب الأهلية فيها على كون تايوان جزء منها، وعلى أنها ستعود للصين يوماً ما بأي شكل من الأشكال، وقد تنامت هذه الرغبة في الفترة الأخيرة خصوصاً مع نية الصين استعادة كافة الأراضي المنفصلة عنها أو التي تتمتع بحكم ذاتي (كهونغ كونغ وتايوان) قبل منتصف القرن الحالي، الأمر الذي سيعيد للتنين الصيني مكانته التي فقدها في القرنين الأخيرين حسب وجهة النظر الصينية.
هل الصين قادرة على احتلال تايوان؟
احتلال جزيرة تايوان بالقوة العسكرية سيكون حتماً من أصعب المهمات، فحسب تقدير الخبراء العسكريين ستحتاج العملية في حال حدوثها إلى إنزالٍ بحري لأكثر من 2 مليون جندي (وهو ما يقدر بـ 10 أضعاف عدد الجنود الذين تمّ إنزالهم في إنزال النورماندي، والذي يعدّ الأكبر في التاريخ)، وهو أمر بالغ الصعوبة، ولكنّه ليس بالمستحيل خصوصاً على الصين، حيث تقوم الصين في السنوات العسكرية بتعزيز أساطيلها البحرية بشكل كبير، والدليل الأكبر على ذلك تخطيطها لامتلاك 6 حاملات طائرات بحلول عام 2030 (تملك حالياً حاملة طائرات واحدة)، مما يجعل المشهد الصيني التايواني العام يبدو قريباً من الاشتعال في السنوات القادمة.