ظلّت قصص الييتي؛ الوحش المتخفي والمرعب في الآن ذاته الذي يسكن جبال الهيمالايا تطرق أسماع كل الباحثين عن التشويق والغموض، وحاول العديد من المغامرين تقفّي أثره والبحث عن دلائل تثبت لعقولهم العاشقة للإثارة حقيقة وجوده من عدمها، لكنّهم خلال كل تلك السنوات بقوا عاجزين عن إثبات أي شيء له علاقة بكيانه سوى بضعة آثار نسبوها إليه تمكنوا من إيجادها خلال سعيهم الحثيث للوصول إلى الحقيقة. الأمر كذلك أشعل نيران الفضول في عقول العديد من العلماء الذين قرروا تسخير علمهم في سبيل حل هذه المعضلة التي مضى عليها سنوات وهي لغز عصيّ عن الحل.
فريق بحثي بريطاني يكشف المستور:
تمّ تفصيل البحث البريطاني في برنامج وثائقي يحمل عنوان “Bigfoot Files” تمّ عرضه على القناة الرابعة البريطانية، حيث أظهر البرنامج الجهود المضنية التي بذلها الفريق البحثي البريطاني في جامعة أوكسفورد في تعاون مع جامعة لوزان بقيادة بروفيسور علم الجينات البشري برايان سايكس.
بدأ البحث بنشر إعلان من فريق البحث يطلب فيه من كل من يملك أي أثر مادي يعود إلى الييتي أن يقوم بتقديمه للفريق البحثي لإجراء اختبار الحمض النووي DNA عليه، وانتهى الأمر بالفريق بجمع أكثر من 30 عينة، مع سؤال صاحب كل عينة فيما إذا كان يعتقد أن العينة تنتمي بالفعل لمخلوق الييتي.
قام سايكس بالتركيز على عينتين من عينات البحث بالتحديد، كلاهما وجد في جبال الهيمالايا، لكن مع مسافة تبعد 800 ميل بين موقعي إيجاد العينتين، إحداهما في الهند، والأخرى في بوتان.
كانت المفاجأة حين صدرت النتيجة، حيث أظهرت تطابقاً بمقدار 100% مع عينة مسجلة في بنك البيانات الوراثية الخاص بالبحث، تعود هذه العينة لفك أحد أسلاف الدب القطبي الحالي تم العثور عليها في سفالبارد في أقصى شمال النرويج في القطب الشمالي، وقد عاش هذا الدب بين 40000 إلى 120000 سنة قبل وقتنا الحالي. أزعجت هذه النتيجة حين صدورها جحافل المؤمنين بخرافة رجل الثلج الكريه الذي يسكن في جبال الهيمالايا، حيث نفت بشكل قاطع كون هذا المخلوق مخلوقاً أسطورياً، أو يملك أي صفات غريبة غير معتادة في الدببة العادية، خصوصاً أن كل ما يملكونه من أدلة مادية تمّ فحصه بشكل مخبري وراثي دقيق، وما بقي عن أسطورة الييتي هو بعض الصور سيئة الدقة، أو الفيديوهات غير الواضحة.
تفسير النتائج:
“لا أعتقد أنّ نتيجة هذا الاختبار تعني أن دباً قطبياً منقرضاً منذ آلاف السنين ما زال يعيش في جبال الهيمالايا، النتيجة تحتاج للمزيد من العمل لترجمتها بشكل صحيح”؛ يجيب البروفيسور سايكس على التساؤلات حول معنى النتيجة التي توصّل إليها فريقه في بحثهم المشترك الضخم مع جامعة لوزان –والذي تبلغ تكلفة إجراء تحليل واحد لعينات الشعر فيه ما يزيد على 2000$-، ” من الممكن أن نفكّر في أكثر السيناريوهات احتمالاً، فقد تعني هذه النتيجة أن هناك نوعاً فرعياً من الدببة البنية تعيش في الهيمالايا، وتنحد في جذورها إلى الدب القطبي القديم الذي هو سلف الدب القطبي الحالي، أو أنّه قد جرت عملية تهجين خلال الفترة القريبة الماضية ما بين الدببة البنية والدببة المنحدرة من الدب القطبي القديم الذي جرى التطابق مع العينة المأخوذة منه.” يختم سايكس.