يقال أن الحب لا يموت أبدا، ويبدو أن “كارل تانزلر” أخذ ذلك على محمل الجد وطبق المثل حرفيا، فعندما ماتت مريضته المحبوبة، “إيلينا ميلاغرو دي هويوس” في عام 1931 لم يستطع تحمل ذلك، وبعد عامين من زيارة قبرها، سرق جسدها المتحلل وأعاده إلى المنزل، كما بذل قصارى جهده لمدة سبع سنوات للحفاظ عليه.
فما حكاية هذا المغرم المجنون؟
كان كارل رجلا غريبًا قبل أن يصبح سارق قبور، فعندما هاجر من ألمانيا مع زوجته وطفليه، كان يعرف ب”كارل تانزلر” العجوز فقط، لكن سرعان ما أصبح أرستقراطيًا وأطلق على نفسه اسم الكونت “كارل تانزلر فون كاسيلو”، وعلى الرغم من عدم كونه طبيبًا، لم يمنعه ذلك من الاعتناء “بإيلينا ميلاغرو” كمريضة، عندما التقى بهذه المرأة الشابة التي ستصبح هوس حياته، كان في الخمسينيات من عمره ويعيش في “كي ويست” بفلوريدا، وذلك بعدما تركته زوجته حيث كان يعمل كفني أشعة في مستشفى البحرية الأمريكية. كانت “ماريا إيلينا ميلاغرو دي هويوس” حينئذ تبلغ من العمر 21 عامًا، وبدأت القصة حينما أتت إلى المستشفى البحري لتلقي العلاج من مرض السل، ولأن “تانزلر” طالما حلم وراودته رؤى منذ طفولته بامرأة ذات شعر داكن، لم يستطع التحمل وقذفت هذه المريضة ذات الشعر الداكن سهم الحب فاخترق شغاف قلبه ثم أردته قتيل الغرام.
في عام 1930، كان مرض السل مرضًا مميتًا يفوق إمكانيات المستشفى الطبية والمعرفية، غير أن “تانزلر” قطع وعدا على نفسه بإنقاذ حياتها، ولتحقيق ذلك اخترع نظامًا غريبًا يتكون من مقويات محلية الصنع، واعتمد العلاج بالأشعة السينية باستخدام معدات قام بتهريبها من المستشفى إلى منزل والديها. غير ان كل محاولاته باءت بالفشل، فتوفيت إيلينا في 25 أكتوبر 1931. فاستخدم “تانزلر” ماله الخاص لبناء ضريح حجري متقن لها بموافقة عائلتها، لكنه احتفظ بالمفتاح، وظل يزورها كل ليلة لمدة عامين، ثم قرر لأن يذهب أكثر من ذلك من خلال إعادتها إلى حياته. فقام ببناء مختبر خصيصا لهذا الغرض، وفي وقت متأخر من إحدى الليالي، سرق جثة “إيلينا” ونقلها إلى مختبره في عربة ألعاب، كما استخدم الشمع والجص والأسلاك لتثبيت الجثة المتعفنة، واشترى لها عطورا وملابس، حتى أنه وضع باروكة شعر مستعار مصنوعة من شعر إيلينا على رأس الجثة.
كما شارك سريرًا معها، وكشف “تانزر” في وقت لاحق أن خطته كانت “تمكينها من التحليق عالياً في طبقة الستراتوسفير حيث سيعيد الإشعاع الصادر من الفضاء الخارجي الحياة إلى شكلها المغيب”.
بعد سبع سنوات من الحياة السعيدة مع مومياءه، بدأ الجيران في الشك، وكانوا يتساءلون: لماذا كان يشتري ملابس نسائية؟ لماذا لم يعد يزور قبر إيلينا؟ وعندما رآه أحد السكان المحليين من خلال النوافذ وهو يرقص بدمية عملاقة، استدعى الشرطة وجاءوا للتحقيق. وتم دفن الجثة في مكان مجهول حتى لا يتم التلاعب بها مجددا، وتم تقديم “تانزلر” للمحاكمة بتهمة السرقة والتمثيل بجثة، ولكن بعد مدة تم إطلاق سراحه، والمثير للدهشة أنه لم يكن محتقرًا في المجتمع، بل رأى الكثير من الناس وخاصة النساء، أنه رومانسي غريب الأطوار، ولا تزال الشائعات قائمة حتى يومنا هذا بأنه قام بالفعل بتغيير النموذج والمومياء في اللحظة الأخيرة، وأنه عاش بقية أيامه مع جثة إيلينا.