حادثة ميونخ الجوية؛ الكارثة التي كادت تنهي نادي مانشستر يونايتد.

كلنا نعرف نادي مانشستر يونايتد، النادي الإنكليزي الذي يعد أحد أكبر النوادي في العالم، وأحد أكثرهم جماهيرية من ناحية المشجعين أيضاً، لكن قلة منا يعرفون أن هذا النادي العظيم كاد أن ينهار في إحدى أكثر مراحله توهجاً في نهاية خمسينيات القرن الماضي، فما هي التفاصيل؟

“أطفال بازبي”:

استلم السير مات بازبي تدريب الشياطين الحمر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وعلى مدى السنوات سار الفريق برتم تصاعدي مع محافظته على مستوى ممتاز في الدوري الإنكليزي، ومع مطلع الخمسينيات اعتمد المدرب بازبي سياسة ضخّ دماء شابة في النادي، حيث أصبح متوسط عمر الفريق حوالي 22 عاماً، وهو السبب الذي دعى لتسميتهم بـ “أطفال بازبي”، وقد آتت هذه المراهنة على الشباب ثمارها، حيث تمكنوا من تحقيق نتائج ممتازة تمثّلت في الحصول على الدوري الإنكليزي لموسمين متتاليين عامي 1956 و1957، بالإضافة إلى وصولهم لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 1957.

الليلة المشؤومة:

بدأ النادي موسم 1958 بطموحات عالية، مشحونا بنجاحات الأعوام السابقة، وواضعاً جميع البطولات المحلية والقارية نصب عينيه. في الثامن من فبراير عام 1958 كان الفريق عائداً من يوغوسلافيا بعد مباراته مع النجم الأحمر في إياب ربع نهائي كأس أوروبا والتي انتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل من الفريقين، وتأهل مانشستر يونايتد بسبب فوزه في مباراة الذهاب 2-1 التي أقيمت في مانشستر، توقفت الطائرة في ميونخ في ألمانيا الغربية حينها للتزود بالوقود، ولأنه لم يكن هناك رحلات مباشرة من بلغراد إلى مانشستر. بعد محاولتي إقلاع فاشلتين للطائرة نتيجة خلل تقني بالمحرك الأيسر رفض كابتن الطائرة جيمس ثاين المبيت لليلة في ميونخ والانتظار لليوم التالي خوفاً من التأخر في جداول رحلات الطيران.

تفاصيل الحادث:

شرع الكابتن ثاين في محاولة إقلاع ثالثة بدأت بشكل ناجح، لكن طبقة من الثلج الذائب الذي كان ينهمر حينها عسّرت عملية الوصول للسرعة المناسبة للإقلاع، ما تسبب في فشل عملية الإقلاع، واصطدام الطائرة بجدار في نهاية المدرج، واصطدام الجناح الأيسر للطائرة بأحد المنازل. شرع الكابتن حينها بإخلاء الركاب عن متن الطائرة حيث كانوا مقتصرين على لاعبي النادي وطاقمه الفني والإداري، بالإضافة لبعض الصحفيين، قام حارس النادي  هاري كريغ بدور محوري في عملية الإخلاء ومساعدة الجرحى وانتشال الجثث، بالمحصلة النهائية لقي 23 شخصاً حتفهم من بين 44 راكباً منهم 8 لاعبين هم: (جيوف بينت – روجير بيرن – ايدي كولمان – دانكان إدواردز – مارك جونز – ديفيد بيج – تومي تايلور – ليام بيلي ويلام) كما أصيب المدرب بازبي إصابة كادت تودي بحياته قبل أن يتماثل للشفاء ويعود مجدداً لتدريب النادي.

ما بعد الحادثة:

اتهمت تحقيقات الشرطة الألمانية كابتن الطائرة جيمس ثاين بالتقصير في عمله، لكن تمّ إسقاط التهمة عنه لاحقاً. وقف نادي ريال مدريد الإسباني موقفاً مشرفاً تجاه النادي المنكوب، حيث أعلن رئيس النادي آنذاك سانتياغو برنابيو إهداء كأس البطولة التي تمكنوا من تحقيقها تلك السنة إلى “أصدقائه في ميونخ” في إشارة إلى ضحايا الحادثة، بالإضافة لعرضه إعارتهم أسطورة النادي ألفريدو دي ستيفانو مجاناً مع تعهده بدفع نصف راتبه، وإقامة العديد من المباريات الودية بين الناديين في مدريد لدعمه اقتصادياً. عقب الحادثة ظهرت أصوات في الإدارة تنادي بتوقف النادي لنهاية الموسم، الأمر الذي رفضه مساعد المدرب ميرفي الذي استلم تدريب الفريق أثناء تعافي السير بازبي، وتمكن بوساطة مجموعة من اللاعبين المغمورين ولاعبي الاحتياط الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي ذلك العام. تمكن الفريق من النهوض على قدميه مجدداً بعد الحادثة بقيادة السير بازبي وتحقيق اللقب الأول له عام 1963 حينما أحرز كأس الاتحاد الإنكليزي ثم تحقيق بطولة الدوري لعامي 1965 و1967 بالإضافة إلى بطولة كأس أوروبا عام 1968 كأول نادي إنكليزي يظفر بهذا الكأس.

Exit mobile version