في شهر أغسطس من عام 1945، وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها على الجبهة الأوروبية، كانت الجبهة الشرقية في اليابان في اشتعال مستمرّ، قبل أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بإمطار مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بأول قنبلتين نوويتين -والوحيدتين اللتين- استخدمتا ضد البشر، وبفاصل 3 أيام بين القنبلتين، أوقعت الولايات المتحدة بين الهجومين حوالي 70000 ضحية ماتوا على الفور لحظة إسقاط القنبلتين، وقرابة الـ 100000 بعد الانفجار سواء بسبب الجراح، أو بسبب الأثر الإشعاعي للقنبلتين. في تقرير جديد لوكالة الأمن القومي الأمريكي اعتبر خطئاً في الترجمة مسؤولاً بشكل جزئي عن إسقاط هاتين القنبلتين، فما هي التفاصيل؟ (هذا المقال لا يبرر بأي شكل من الأشكال جريمة إلقاء قنبلتين على مدينتين مليئتين بالمدنيين الابرياء)
نهايات الحرب:
بعد خمود الجبهة الأوروبية للحرب، وسيطرة قوى الحلفاء على ألمانيا بالكامل في شهر مايو من عام 1945، كانت القوات الأمريكية تعاني الأمرين على جبهة اليابان، فعلى الرغم من ميل كفة القتال بشكل واضح لصالح الجيش الأمريكي، إلا أن اليابانيين لم يكونوا من النوع الذي يستسلم بسهولة، حيث كان الجنود اليابانيون يقاتلون للرمق الأخير، إذ وصلت نسبة الوفيات في القوات اليابانية في بعض المعارك بين الجيشين إلى 99%، حتى أنهم كانوا يقدمون على الانتحار بدلاً من أن يقعوا أسرى بين أيدي القوات الأمريكية.
مؤتمر بوتسدام:
في تلك الأثناء عقدت قيادة قوات الحلفاء متمثلة بالرئيس الأمريكي ترومان، ورئيس الاتحاد السوفييتي ستالين، ورئيس وزراء بريطانيا تشرتشل، مؤتمراً في مدينة بوتسدام الألمانية لتحديد كيفية إدارة ألمانيا بعد انتهاء الحرب، ومناقشة العديد من القضايا السياسية والعسكرية الأخرى منها الجبهة اليابانية للحرب، تمخض عن الاجتماع إعلان من قبل الحلفاء إلى اليابان يتضمن طلب الاستسلام الفوري وغير المشروط منها، مع التهديد بأن أي إجابة سلبية من الجانب الياباني على هذا الإعلان ستكون نتيجتها “التدمير الفوري والمطلق”، دون ذكر أي شيء متعلق بالسلاح النووي الذي كان حتى ذلك الحين مشروعاً سرياً للجيش الأمريكي يعرف بمشروع مانهاتن.
الرد الياباني:
تلقت اليابان إعلان الحلفاء، وأخذت قيادته تتناقش في الخيارات المتاحة أمامها، وقبل التوصل إلى قرار ألحت الصحافة على رئيس الوزراء الياباني آنذاك “كانتارو سوزوكي” في السؤال عن رد اليابان الرسمي على الإعلان، حيث لم يستطع رئيس الوزراء الياباني حينها وفق المعطيات سوى الإجابة بكلمة “موكوساتسو” وهي كلمة يابانية مشتقة من الصمت لها عدة معاني، قصد بها رئيس الوزراء الياباني آنذاك الامتناع عن التعليق في الوقت الحالي، لكن المترجمين لدى قوات الحلفاء ترجموها إلى معنى آخر، ألا وهو التجاهل مع الازدراء، أو الرفض، دون أن يبينوا المعاني الأخرى التي تحملها الكلمة، والتي كان رئيس الوزراء الياباني يقصدها. أثار هذا الرد الياباني غضب الولايات المتحدة بشكل كبير، فوقع الرئيس الأمريكي هاري ترومان أمره باستخدام القنابل الذرية على المدن اليابانية.
النتيجة القاسية:
أدى القصف الأمريكي لمدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتي الولد الصغير، والرجل السمين على الترتيب إلى سقوط عدد هائل من الضحايا، وتدمير مدينتين بشكل كامل بكل ما فيهما، وطمس معالمهما عن الوجود، أدى ذلك أيضاً إلى استسلام الإمبراطور الياباني لقوات الولايات المتحدة الأمريكية استسلاماً غير مشروط مسطرين بذلك الاتفاق نهاية حرب هي الأبشع في تاريخ البشرية. إن أول من أثار هذا الموضوع كان الصحفي الياباني كازو كاواي في مقال كتب بالإنجليزية عام 1950 توصل فيه إلى نتيجة مفادها أن هذا الاختلاط سببه خطأ في الجانب الياباني في اختيار الكلمات، ونقص في الإدراك من قبل أعداء اليابان.