بداية القصة
في عام 1725، عثرت مجموعة صيد على صبي صغير في غابة “هيرتسوولد” شمال ألمانيا، على الرغم من أن عمره المحدد لم يكن معروفًا، فقد قدر الصيادون أنه يبلغ من العمر 12 عامًا تقريبًا. وفقًا لما أوردته History Today ، كان الصبي ، الذي سُمي لاحقًا بيتر ، بمفرده ويبدو أنه كان يعيش في الغابة لبعض الوقت، ويقتات وفق نظام غذائي يتكون من النباتات والمكسرات والجوز، وذكرت التقارير أن الصبي كان لديه شعر طويل متعرج وأظافر طويلة وحروق الشمس، ما جعل الصيادين يصفونه بأنه “قذر” ، خصوصا وأنه كان عاري بشكل مطلق وغير قادر على الكلام، حيث كان يتواصل باستخدام مجموعة متنوعة من “همهمات وإيماءات”. وعلى الرغم من أنه لم يستطع المشي بشكل مستقيم، إلا أنه كان بارعًا في تسلق الأشجار والتنقل عبر الغابة على أربع.
لقد كان السكان المحليون يشتكون من تصرفات الطفل الغجرية، كالتجول بشكل دوري في المدينة وسرقة جيوب الناس، الشيء الذي أقنع السكان المحليين بفكرة أن الصبي قد تم التخلي عنه في الغابة حينما كان رضيعا، وبالتالي تمت تربيته من قبل الحيوانات البرية، وقد وصل الأمر ببعض السكان للاعتقاد بأنه رضع من قبل دب أو خنزير بري أو ذئب على الرغم من عدم وجود أي من هذه الحيوانات في غابة هيرتسوولد. وفي كل الأحوال بدأ السكان المحليون في النهاية بالاهتمام أكثر بالطفل وأطلقوا عليه اسم “بيتر ذا وايلد بوي” أو “بيتر المتوحش”. كما حاولوا العثور على عائلته لكن رغم بذل قصارى جهدهم، لم يطالب أحد بالفتى ولم يسمع أحد عن أهله.
“بيتر” وقصر العائلة الملكية
وصلت قصة “الصبي البري” في النهاية إلى آذان ملك بريطانيا العظمى جورج الأول، الذي كان مفتونًا بالقصة وأراد إحضار الصبي إلى القصر، فرتبت زوجة ابن الملك جورج الأميرة كارولين من ويلز، إحضار بيتر إلى قصر “كنسينغتون”، على الرغم من أنه تم الاحتفاظ به في البداية “كنوع غريب وممتع من الحيوانات الأليفة”، ذكرت بعض المصادر أن بيتر “كان يعامل بلطف” بينما كان في رعايتهم. وكما هو متوقع، واجه بيتر الكثير من التحديات أثناء محاولته التكيف مع نمط حياة جديد، إذ لم يعرف كيفية استخدام الأواني، وفضل تناول الطعام بيديه. كما قاوم ارتداء الملابس وبدا أنه يشعر براحة أكبر في النوم على الأرض منه في السرير. فكان رد فعل الأميرة “كارولين” أن استأجرت الدكتور “أربوثنوت” لتعليم بيتر ومساعدته على تطوير المهارات الاجتماعية. كما استعانت بفريق من الخدم للتركيز على رعايته اليومية وتوفير الانضباط عند الضرورة. في نهاية المطاف تعلم “بيتر” أن يسير في وضع مستقيم وبدأ يعيش حياة عادية طبيعية، خصوصا بعدتلقيه دروس الموسيقى وتطويره لعلاقات عميقة مع خدم القصر.
نهاية الرفاهية
بعد وفاة الملك الذي رعاه “جورج الأول” عام 1727، تم نقل “بيتر” من قبل المزارع “جيمس فين” إلى منزله، لكنه سرعان ما هرب من المنزل إلى ان تم اعتقاله من طرف الشرطة التي ظنته إحدى المتسولين المتشردين، نظرًا لعجزه عن التواصل لفظيًا، ولم يتمكنوا من التحقق من هويته، فأرسلته السلطات إلى مؤسسة إصلاحية تسمىThe Bridewell، بعدها وضع “جيمس فين” إعلانًا في عدد من الصحف يطالب بعودة بيتر ، وفي النهاية تم لم شمله معه بعد شهور من سجنه. ولمنع حدوث مشكلات مماثلة في المستقبل، أُجبر “بيتر” على ارتداء طوق نحاسي محفور بعنوانه ومعلومات تعريفه، وتشير التقارير التاريخية إلى أن “بيتر” عاش مع “جيمس فين” حتى وفاة هذا الأخير، ثم ذهب للعيش مع مزارع يدعى “بريل”. وعلى الرغم من أنه كان له تاريخ في الهروب من المنزل، فقد طور بيتر علاقة قوية مع “بريل” ولم يهرب أبدًا أثناء رعايته، وفقًا للتقارير رفض بيتر تناول الطعام بعد وفاة “بريل” وجوع نفسه حتى الموت، فتوفي عام 1785 عن عمر يناهز 73. ودُفن في كنيسة “سانت ماري الشمالية”.