إن نهاية العالم لشيء مخيف ومرعب، سواء كنت تعتقد أنه قد يأتي نتيجة لكوارث من صنع الإنسان أو بتدخل إلهي، فبمجرد التفكير في كل شيء وهو ينهار من حولك كما يحدث في الأفلام السينمائية يبث في قلبك مشاعر الفزع والتوتر والارتباك. ولكن ماذا لو كانت نهاية العالم ستأتي على يد ذئب ضخم، بينما تقاتله آلهة عملاقة بألسنة اللهب وبالبراكين المشتعلة؟
هذا هو “راجناروك”، الأسطورة الإسكندنافية القديمة لنهاية العالم، وبينما قد تبدو قصة الأسطورة بسيطة إلى حد ما، باعتبارها تتحدث عن معركة الآلهة والمخلوقات الشبيهة بالشياطين، التي ستتزامن مع نهاية العالم القديم، وستؤسس لعالم جديد ينهض من بين ركام دمار العالم السابق، غير أن قصة هذه الأسطورة معقدة للغاية ورائعة. فما هي؟ وما مضمونها؟ وكيف ظهرت لأول مرة؟
ما هي أسطورة “راغناروك”؟
إعتقد الفايكنج منذ زمن طويل أنه في يوم من الأيام سينتهي العالم بطريقة مأساوية، وأطلقوا على هذا اليوم إسم راجناروك، ولا يتعلق الأمر فقط بنهاية الإنسان، ولكن أيضًا بنهاية الآلهة، و ستكون المعركة النهائية بين الإلاهين Aesir وGiants وستجرى في سهول تسمى Vigrid.
بعد ذلك سيحتدم الصراع وستخرج أفعى “مدكارد” الجبارة من البحر، فتبدأ بنثر ذيلها ورش السم في جميع الاتجاهات، مسببة أمواجًا ضخمة تصطدم بالأرض. في هذه الأثناء، سوف يقوم عملاق النار بإشعال الحرائق وسيتم تحرير ذئب “فنرير” من قيوده الذي سينشر الموت والدمارفي كل الأنحاء، وسينتهي العالم بابتلاع الشمس والقمر من قبل ذئاب Sköll و Hati .
ما مصدر أسطورة “راجناروك”؟
يعتبر الولوج للمعلومات المتعلقة بالميثولوجيا الإسكندنافية أمر بالغ الصعوبة، ذلك لأن الأشخاص الإسكندنافيين لم يكتبوا كل شيء في الأصل، وفضلوا بدلاً من ذلك نحت الأشياء في الحجر أو قراءة حكاياتهم شفهيا، ووفقًا لموسوعة تاريخ العالم، فإن أحفاد “الفايكنج” الوثنيين لم يبدؤوا في تدوين الأشياء حتى حقبة العصور الوسطى، لذا فإن أعظم مصدر للمعلومات لدينا عن راجناروك يأتي من خلال نثر “إيدا” الذي كتب باللغة الإسكندنافية القديمة من طرف Snorri Sturluson، وهو مؤرخ عاش في أيسلندا في القرن الثالث عشر. ولا يزال الباحثون يعتقدون أن القصة الأساسية ربما تكون قد كتبت في وقت مبكر من القرن السادس الميلادي، لكن يقال إن أول نص مؤكد، والذي ينذر بعذاب وكآبة “راجناروك”، لم يظهر حتى القرن الحادي عشر.
ما هي علامات اقتراب “راجناروك”؟
ستكون هناك بعض العلامات التحذيرية المنذرة باقتراب نهاية العالم “راجناروك”، مثل تعاقب ثلاثة فصول شتاء طويلة باردة متواصلة تستمر لمدة ثلاث سنوات مع عدم وجود صيف بينهما، وهو ما يُطلق عليه”Fimbulwinter»، خلال هذه السنوات الثلاث الطويلة، سوف يُبتلى العالم بالحروب الطاحنة، وسيقتل الإخوة إخوتهم، وستختفي النجوم ليظل العالم في ظلام دامس.
ماذا بعد “راغناروك” ؟
بعد كل هذا الدمار المخيف والمصائب التي حلت بالأرض، ستوقن أن العالم انتهى بصفة حاسمة، غير أن الحقيقة تقول شيء آخر، فهذه النهاية ليست أبدية، بل سيظهر عالم جديد حيث سترتفع أرض حديثة الولادة من البحر، وسيختفي الشر، وسيجتمع أولئك الذين لم يقضى عليهم في المعركة العظمى، وهم: فيدار ، فالي وأبناء ثور ، مودي ، ومغني. وسيخلقون سلالة جديدة من البشر الصالحين.