لقبتها مجلة “النيويورك تايمز” بأسوأ امرأة في التاريخ، المرأة التي اعتبرت من أخطر القتلة المتسلسلين الذين واجهتهم أمريكا، المرأة الأولى التي حكم عليها بالإعدام بواسطة الكرسي الكهربائي، المرأة المشتبه في كونها السفاح الخطير ومجهول الهوية Jack The Ripper، المرأة التي تفننت في وسائل وطرق القتل البشعة. إنها “ليزي هاليداي”، فما قصتها؟ وما الذي جعلها تلقب بالمرأة الأسوأ على الإطلاق؟
كيف بدأت القصة؟
خلال تسعينيات القرن التاسع عشر، كانت مقاطعة “كاتسكيلز Catskills” بولاية نيويورك مكانا هادئا مسالما جميلا، وكانت الطبيعة الخلابة تضفي نوعا من السكون والأمان في نفوس أهالي المدينة الصغيرة، إلى أن جاءت المدعوة “ليزي هاليداي” لتقلب الوضع رأسا على عقب، كريح زمهرير حل مصيبة على المدينة.
بدأت القصة حينما ولدت “ليزي هاليداي” بإيرلندا سنة 1864 وانتقلت وهي ذات الثلاث سنوات للعيش بولاية نيويورك الأمريكية رفقة والديها، تزوجت لأول مرة سنة 1879، وبعد سنتين توفي زوجها، فتزوجت أربع مرات وفي كل مرة كان الزوج يلقى حتفه أو يختفي في ظروف غامضة بعد فترة قصيرة من الزواج، وهو ما جعل صحيفة “النيويورك تايمز” تتساءل في مقال لها نشرعام 1894: “ما إذا كان هؤلاء الرجال ماتوا بشكل طبيعي أم قُتلوا؟”
سجلها الإجرامي
في بداية مشوارها الإجرامي حاولت “ليزي” قتل “جورج سميث”، وهو آخر من تزوجته بعد وفاة أزواجها القدامى، وذلك بإعطائه كوبًا من الشاي المسموم، غير أن محاولتها باءت بالفشل فلاذت بالفرار نحو ولاية “فيرمونت”، حيث قررت الإقامة هناك ففتحت متجرًا وأحرقته فقط للمطالبة بأموال التأمين، لتعتقلها الشرطة بتهمة الحرق العمد، وتزج بها في السجن لمدة سنتين.
بمجرد خروجها من السجن، اشتغلت هاليداي كمدبرة منزل لدى “بول هاليداي” الذي تزوجها، ولكن في محاولة مجنونة أخرى قامت “ليزي” بسرقة حصان من أحد المزارع المجاورة وهربت مع أحد الجيران، فقررت الشرطة إرسالها لمستشفى الأمراض العقلية، وبعد أن انقضى أجل العقوبة، عادت إلى بيت زوجها الذي استقبلها بترحاب كبير، غير أنها لم تفرغ من التصرفات المجنونة فقامت بإضرام النار في البيت مما أدى إلى مقتل ربيبها.
اختفى “بول” بعد الحادثة فأثار الأمر شكوك الجيران الذين ظلوا يسألون “ليزي” عن سبب اختفاءه، فكانت تتحجج بسفره بعيدا عن المزرعة، غير أنهم لم يقتنعوا فقرروا اقتحام المنزل في غيابها وتفاجؤوا بوجود جثتين لامرأة وطفلتها، اللتان تم تقييدهما وإطلاق النار عليهما، فتم إلقاء القبض على “هاليداي”، وبعد أيام قليلة تم العثور على جثة زوجها مخبأة تحت أرضية المنزل ميتا بنفس الطريقة.
أثناء وجودها في سجن مقاطعة “سوليفان” وفي انتظار محاكمتها، رفضت “ليزي” تناول الطعام، وحاولت خنق زوجة عميد الشرطة، وأضرمت النار في زنزانتها، وحاولت الانتحار عدة مرات بشنق نفسها، وقطع حلقها وذراعيها بزجاج مكسور، فلم تتوقف عن افتعال الجرائم والمشاكل إلى أن اضطر الحراس لتقييدها بالسلاسل على الأرض.
حكم على ليزي في الأصل بالإعدام بسبب جرائم القتل الثلاث المؤكدة، لكن تم تخفيف عقوبة “ليزي” إلى السجن المؤبد، حيث لم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لربطها بجرائم القتل الأخرى في المدينة، وعلى الرغم من ذلك فإن الشرطة في ذلك الوقت اعتقدت بقوة أنه تم اكتشاف نسبة صغيرة فقط من ضحايا “ليزي” الفعليين، وأن حصيلة ضحايا ليزي الحقيقية لن تُعرف أبدًا. وعلى ذكر التخفيف فقد تم إرسالها إلى مستشفى الأمراض العقلية مرة أخرى عوض السجن، لتقضي عقوبة المؤبد في قفص زنزانتها مع باقي المرضى العقليين. والصادم في الأمر أن “ليزي” تمكنت من ارتكاب جريمة قتل أخرى أكثر بشاعة، على الرغم من المراقبة المشددة التي كانت تخضع لها، حيث طعنت ممرضة بمقص مائتي مرة حتى الموت، فتسببت هذه الجريمة في خلق زوبعة من الرعب والذعر في صفوف الممرضين لدرجة أن مدير المستشفى كان يخشى فرارًا جماعيًا للموظفين.
توفيت “ليزي هاليداي” في 18 يونيو 1918، بعد أن احتلت جرائمها الحيز الأكبر في الجرائد، وبعد أن بثت الخوف والفزع في كل المناطق الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها أول قاتلة متسلسلة عرفها العالم، وهذا كان سببا كافيا لتلقيبها ب “المرأة الأسوأ في التاريخ”.