قدمت فرقة BTS عبر مسيرتها المليئة بالإبداع أنماطاً مختلفة من الأغاني تنوعت بين إسقاطات المشاعر ، الأغاني الرمزية ، الألحان الراقصة و غيرها …
و تألقت بشكل منقطع النظير في نمط ال Story Telling (أو سرد القصة كما يدعى بالعربية) ، و لعلّ مثاله الأبرز و الأقرب إلى قلوبنا أغنية The Truth Untold التي شكل الرماد المحترق لكلماتها الحزينة مشاهد قصة تنفطر لسماعها القلوب …
للأغنية مستويان من المعاني ، حيث تصل لكل متلقي من منظور مختلف :
☆ المستوى الأول يروي قصة رجل جعل نفسه أسيراً لقلعة تمثل خوفه من ذاته أولاً و من نظرة الآخرين له ثانياً ، فقد عانى طوال حياته داخل جدران قلعته لأنه اعتقد بأن منظره قبيح و لن يستطيع أي أحد تقبله…
يقتحم هذه العزلة خيال فتاة أنهك المرض جمالها الساحر للعيون وجدت من أزهار قلعة البؤس و الوحدة المشؤومة مصدراً للمال تسد به حاجتها فيما تبقى لها من أيام ، يراقب الرجل الفتاة كل يوم من بعيد متأملاً جمالها و رقتها التي بدأت تخبو يوماً بعد يوم ، لم يتجرأ أن يدنو منها و قرر الإبقاء على قناع وجهه الذي جعله حاجزاً بينه و بين الناس خشية أن ترفض الكلام مع شخص قبيح مثله …
لم تستطع هي أن تتحدث إليه أبداً ف ذلك القناع حرمها من معرفة اسمه حتى ، و كانت ابتسامتها المتعبة كل يوم تحرق قلبه و مشاعره بسبب بعده عنها .
يقرر في أحد الأيام أن يحطم هذا القناع ، أن يزرع لها وروداً خاصة تليق بفتاة مثلها ، أن يحطم قيوداً فرضها على ذاته و يمسك و هي الأزهار بأيديهما معاً و لكن …
أتى ذلك اليوم المنشود و لكن الفتاة لم تأت سرقها الموت في الليلة المنشودة ، سرقها و حرم هاتين الروحين من الاتصال و التناغم …
و بقي شبح ذكرياتها حسرةً في قلبه مختبئً مجدداً خلف قناعه المحطم في قلعته الضعيفة المتآكلة متسائلاً هل كانت القصة ستنتهي بشكل مختلف لو امتلك الجرأة باكراً !!!

☆ أما المستوى الثاني من المعاني فهو الأعمق يأخذ اتجاهاً فلسفياً نحو علم النفس …
فيمكن أن نرى الأغنية تصف شخصاً يعيش في حالة نكران لذاته ، أخفى وجهه و حقيقته عن العالم خشية أن يقابل بالرفض ، حبس نفسه بين جدران قلعة رملية بالكاد تحمل نفسها قبل أن تجرفها أمواج الواقع …
يجد داخل أفكاره روحاً تمثل الجانب المضيء من ذاته ، الجانب القوي و الصريح القادر على مجابهة العالم بمفرده ، و لكن هذه الروح أنهكها حصار القلعة السوداء المشؤومة و أثقلت أفكار القناع السلبية تفكيرها حتى كادت أن تضمحل و تزول و لكنها تحاول يائسة جمع شتات نفسها و الانقلاب على ذاتها الضعيفة المسيطرة ، يخشى هذا الشخص أن يظهر إشراق روحه الداخلي للعالم فيقابل بالرفض و الاستهزاء ، يمنيها ببعض لحظات الفرح ليخدر روحها الثائرة …
و بعد صراع مع المرض _الذي يمثل التمرد على الواقع هنا_ يفشل هذا الأثير في تحقيق انعتاقه المنشود فبعد أن حطّم القناع و حاول الخروج من أسوار ذلك الحصن انهارت جدرانه الرملية الهشة عليها لتدفن مع ما تبقى من إرادتها النارية تحت ركام الخوف و اليأس و الاستسلام.
فيعيش هذا الشخص وحدته التي اعتادها كما يعتاد المرأ جوارحه متحسراً على ذاته المشرقة التي فشل في إنقاذها.

و قد استطاع خط فوكال فرقة BTS إيصال هذه المعاني بطريقة مثالية مع أصواتهم الذهبية المميزة بشكل يترك انطباعاً مميزاً في عقول و قلوب المستمعين.